للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّلاةُ خلفَ المَريضِ القاعِدِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا كانَ المَأمومُ صَحِيحًا، فصلَّى خلفَ إمامٍ مَريضٍ يُصلِّي قاعِدًا، على ثَلاثةِ أقوالٍ:

القولُ الأوَّلُ: أنَّه تَجوزُ صَلاتُه قاعِدًا خلفَ إمامٍ قاعِدٍ مِنْ عُذرٍ، ولَا تَجوزُ قيامًا؛ لقولِ النَّبيِّ : «إنَّما جُعل الإِمَامُ لِيُؤتمَّ بِه؛ فلا تَختلِفُوا عليه، فإذا صلَّى جالسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا أَجمَعِينَ» (١)، وممَّن قالَ بهذا الإمامُ أحمدُ بنُ حَنبَلٍ؛ فإنَّه قالَ: قد فعلَه أربَعةٌ مِنْ الصَّحابةِ بعدَ النَّبيِّ : أُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ، وقَيسُ بنُ فَهدٍ، وجابِرُ بنُ عَبد اللهِ، وأبو هُريرةَ، ، ولأنَّها حالَةُ قُعودِ الإمامِ؛ فكانَ على المَأمومِينَ مُتابعَتُه، كحالِ التشهُّدِ؛ فإن صَلوا وَراءَه قيامًا ففي صحَّةِ صَلاتِهم وَجهانِ، أحَدُهما: لا تَصحُّ صَلاتُهم … ، والآخَرُ: تَصحُّ.

ولا يَؤُمُّ القاعِدُ مَنْ يقدِرُ على القيامِ عندَ الحَنابلَةِ إلا بشَرطَينِ:

أحَدُهما: أن يَكونَ إمامَ الحَيِّ؛ لأنَّه لا حاجةَ بهم إلى تَقديمِ عاجِزٍ عن القيامِ إذا لم يكنِ الإمامَ الرَّاتبَ، فلا يُتحَمَّلُ إسقاطُ رُكنٍ في الصَّلاةِ لغيرِ حاجةٍ، والنَّبيُّ حيثُ فعلَ ذلك كان هو الإمامَ الرَّاتبَ، ويُستحبُّ له أن يَستخلِفَ؛ لأنَّ الناسَ قدِ اختَلَفوا في صحَّةِ إمامَتِه، فيَخرُجَ مِنْ الخِلافِ، ولأنَّ صَلاةَ القائِمِ أكمَلُ؛ فيُستحبُّ أن يَكونَ الإمامُ كامِلَ الصَّلاةِ.


(١) رواه البُخاري (٦٥٦)، ومُسلِم (٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>