اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو حلَفَ الرَّجلَ بغَيرِ اللهِ تَعالى، مثلَ أنْ يَقولَ:«إنْ وَطئتُكِ فمالي صَدقةٌ، أو فللَّهِ عَليَّ أنْ أتصدَّقَ بمالي، أو فعَبدِي حَرٌّ، أو: إنْ وَطئتُكِ فأنتِ طالقٌ، أو امرَأتي الأُخرى طالقٌ»، هل يَكونُ مُوليًا أم لا؟
فذهَبَ الشافِعيةُ في القَديمِ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه لا يَصحُّ الإيلاءُ إلا بالحَلفِ باللهِ تَعالى أو بصِفةٍ مِنْ صِفاتِه، ولا يَصحُّ بطَلاقٍ أو عِتاقٍ أو صدَقةٍ أو صَومٍ أو حجٍّ؛ لأنَّ الإيلاءَ المُطلَقَ إنَّما هو القسَمُ، ولهذا قرَأَ أُبَيٌّ وابنُ عبَّاسٍ ﵄: ﴿يُقْسِمُونَ﴾ مَكانَ ﴿يُؤْلُونَ﴾، ورُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ في تَفسيرِ ﴿يُؤْلُونَ﴾ قالَ:«يَحلفونَ باللهِ» هكذا ذكَرَه الإمامُ أحمَدُ، والتَّعليقُ بشَرطٍ ليسَ بقسَمٍ، ولهذا لا يُؤتَى فيهِ بحَرفِ القسَمِ ولا يُجابُ بجَوابِه ولا يَذكرُه أهلُ العرَبيةِ في بابِ القسَمِ، فلا يَكونُ إيلاءً، وإنَّما يُسمَّى حَلفًا تجوُّزًا؛ لمُشارَكتِه القسَمَ في المَعنى المَشهورِ في القسَمِ، وهو الحَثُّ على الفِعلِ أو المِنعُ منه أو تَوكيدُ الخبَرِ والكلامِ عندَ إطلاقِه لحَقيقتِه.
ويَدلُّ على هذا قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)﴾ [البقرة: ٢٢٦]، وإنَّما يَدخلُ الغُفرانُ في اليَمينِ باللهِ، وأيضًا هذا يَقتضِي العفوَ عنِ الكفَّارةِ عندَ الفَيئةِ، وذلكَ إنَّما يُوجَدُ في الحَلفِ باللهِ دونَ غَيرِه.