للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ السابِعُ: إذْنُ الوالِدَينِ: فلا يَجوزُ الجِهادُ إلا بإذْنِ الأبوَينِ المُسلِمينَ، أو بإذْنِ أحدِهما إنْ كانَ الآخَرُ كافرًا، إلا إذا تَعيَّنَ الجِهادُ، كانَ يَنزِلَ العَدوُّ بقَومٍ من المُسلِمينَ، ففَرضٌ على كلِّ مَنْ يُمكِنُه إعانَتُهم أنْ يَقصِدَهم مُغيثًا لهم، أذِنَ الأبَوانِ أو لم يأذَنا، إلا أنْ يَضِيعا أو أحدُهما بعدَه، فلا يَحِلُّ له تَركُ مَنْ يَضيعُ منهما بالإجماعِ.

قالَ ابنُ حَزمٍ : واتَّفَقوا على أنَّ مَنْ له أبَوانِ يَضيعانِ بخُروجِه ففَرضُ الجِهادِ ساقِطٌ عنه (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ : وعامةُ الفُقهاءِ مُتفِقونَ على أنَّ مِنْ شَرطِ هذه الفَريضةِ -الجِهادِ- إذْنَ الأبوَينِ فيها، إلا أنْ تَكونَ عليه فَرضَ عَينٍ مِثلَ ألَّا يَكونَ هنالِك مَنْ يَقومُ بالفَرضِ إلا بقيامِ الجَميعِ به (٢).

والأصلُ في ذلك ما رَواه عبدُ اللهِ بنُ عَمرِو بنِ العاصِ قالَ: «جاءَ رَجلٌ إلى النَّبيِّ فاستأذَنَه في الجِهادِ فقالَ: أحَيٌّ والِداكَ؟ قالَ: نَعمْ. قالَ: ففيهما فجاهِدْ» (٣).

فدلَّ على أنَّ بِرَّ الوالِدَينِ مُقدَّمٌ على الجِهادِ، ولأنَّ الأصلَ في الجِهادِ أنَّه فَرضٌ على الكِفايةِ يَنوبُ عنه غيرُه فيه، وبِرُّ الوالِدَينِ فَرضٌ يَتعيَّنُ عليه؛ لأنَّه لا يَنوبُ عنه فيه غيرُه.


(١) «مراتب الإجماع» ص (١١٩).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٢٧٨).
(٣) رواه البخاري (٢٨٤٢)، ومسلم (٢٥٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>