للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ أبو العبَّاسِ: وقياسُ المَذهبِ عِندي جوازُ أخذِ العِوضِ عن سائِرِ حُقوقِها مِنْ القَسْمِ وغَيرِه؛ لأنهُ إذا جازَ للزَّوجِ أنْ يأخُذَ العِوضَ عن حقِّهِ منها جازَ لها أنْ تأخُذَ العِوضَ عن حقِّها منهُ؛ لأنَّ كلًّا مِنهُما مَنفعةٌ بدنيَّةٌ.

وقد نَصَّ الإمامُ أحمَدُ في غَيرِ مَوضِعٍ على أنهُ يَجوزُ أن تَبذلَ المرأةُ العوضَ ليَصيرَ أمرُها بِيدِها، ولأنها تَستحِقُّ حبْسَ الزَّوجِ كما يَستحِقُّ الزَّوجُ حَبْسَها، وهو نوعٌ مِنْ الرِّقِ فيَجوزُ أخذُ العِوضِ عنهُ، وقد تُشبِهُ هذهِ المسألةُ الصَّلحَ عنِ الشُّفعَةِ وحدِّ القَذفِ (١).

ثانِيًا: العدلُ في الحُبِّ والجِماعِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ العَدلَ الواجِبَ إنَّما يَكونُ في المَبيتِ فقطْ لا في الحُبِّ ولا في الجِماعِ، وإنَّما يُستَحبُّ وليسَ بواجِبٍ؛ لأنَّ ذلكَ لا يَملِكُه أحدٌ، إذْ قَلبُه بينَ إصبعَينِ مِنْ أصابعِ الرَّحمنِ يَصرفُه كيفَ يَشاءُ، وكذلكَ الجِماعُ قد يَنشطُ للواحِدةٍ ما لا يَنشطُ للأُخرى، فإذا لم يَكنْ ذلكَ بقَصدٍ مِنه فلا حرَجَ عليهِ فيهِ، فإنَّه ممَّا لا يَستطيعُه، فلَم يتعلَّقْ به تَكليفٌ (٢).

قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ﴾، أي لن تُطيقُوا


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٦٣، ٥٦٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٧١، ٣٧٢)، و «كشاف القناع» (٥/ ٢٣٤).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٣٦٨)، و «الاختيار» (٣/ ١٤٤)، و «اللباب» (٢/ ٥٨)، و «مختصر الوقاية» (١/ ٣٧٩)، و «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٣٦٤، ٣٦٥)، و «المهذب» (٢/ ٢٩٩)، و «البيان» (٩/ ٥١٥)، و «الكافي» (٣/ ١٣٠، ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>