للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ الدُّسوقيُّ : وهل يُشتَرطُ في تَأديةِ الشَّهادةِ لَفظُ «أشهَدُ» بخُصوصِه أو لا يُشتَرطُ؟ قَولانِ، والأظهَرُ منهما عَدمُ الاشتِراطِ، وإنَّما المَدارُ فيها على ما يَدلُّ على حُصولِ عِلمِ الشاهِدِ بما شهِدَ به، ك «رأيتُ كذا وسمِعتُ كذا، أو أتحَقَّقُ أنَّ لهذا عندَ هذا كذا» فلا يُشتَرطُ لأدائِها صِيغةٌ مُعَيَّنةٌ» (١).

الشَّهادةُ على الشَّهادةِ:

الشَّهادةُ على الشَّهادةِ جائِزةٌ، قالَ ابنُ قُدامةَ : بإِجماعِ العُلماءِ، وبه يَقولُ مالِكٌ والشافِعيُّ وأَصحابُ الرأيِ، قالَ أَبو عُبَيدٍ: أجمَعَت العُلماءُ مِنْ أهلِ الحِجازِ والعِراقِ على إِمضاءِ الشَّهادةِ على الشَّهادةِ في الأَموالِ، ولأنَّ الحاجةَ داعيةٌ إليها؛ فإنَّها لو لم تُقبَلْ لبَطَلَت الشَّهادةُ على الوَقفِ، وما يَتأخَّرُ إِثباتُه عندَ الحاكِمِ، ثم يَموتُ شُهودُه، وفي ذلك ضَررٌ على الناسِ ومَشقةٌ شَديدةٌ، فوجَبَ أنْ تُقبلَ كشَهادةِ الأصلِ (٢).

وأجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّها تُقبلُ في الأَموالِ وما يُقصَدُ به المالُ (٣).

واختَلَفوا هل تُقبلُ في الحُدودِ أو لا؟ وقد بيَّنَ ذلك الإمامُ ابنُ هُبيرةَ حيثُ قالَ: قالَ مالِكٌ في إِحدى الرِّوايتَينِ: تُقبلُ في كلِّ شَيءٍ من الأَحكامِ من حُقوقِ اللهِ وحُقوقِ الآدَميِّينَ.


(١) «حاشية الدسوقي على الشرح الكبير» (٦/ ٦٠)، و «تبصرة الحكام» (١/ ٢٢٣)، و «منح الجليل» (٨/ ٤٠٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٣٩٠).
(٢) «المغني» (١٠/ ١٩٦).
(٣) «المغني» (١٠/ ١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>