للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم عَزَم فَجَمعَهم على أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، ثم خرَجتُ معه لَيلَةً أُخرَى وَالنَّاسُ يُصَلُّونَ بِصَلاةِ قارِئِهِم، قالَ عمرُ: نِعمَ البِدعَةُ هذه، وَالَّتِي يَنَامُونَ عنها أَفضَلُ مِنْ التي يَقومُونَ. يُرِيدُ آخر اللَّيلِ، وكانَ النَّاسُ يَقومُونَ أَوَّلَه» (١).

ورَوى أسَدُ بنُ عَمرٍو عن أبي يُوسفَ قالَ: سألتُ أبا حَنيفةَ عن التَّراوِيحِ وما فعلَه عمرُ ؟ فقالَ: التَّراويحُ سُنَّةٌ مُؤكَّدةٌ، ولَم يَترخَّص (٢) عمرُ مِنْ تِلقاءِ نَفسِه، ولم يكن فيه مُبتَدِعًا، ولم يأمُر به إلا عن أصلٍ لَدَيهِ، وعَهدٍ مِنْ لَدُن رَسولِ اللهِ ، ولقد سَنَّ عمرُ هذا وَجَمعَ النَّاسَ على أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، فصلَّاها جَماعةً والصَّحابةُ مُتوافِرونَ، منهم عُثمانُ، وعلِيٌّ، وابنُ مَسعودٍ، وطَلحةُ، والعَبَّاسُ، وابنُه، والزُّبَيرُ، ومُعاذٌ، وأُبَيٌّ، وغيرُهم مِنْ المُهاجِرينَ والأنصارِ، أجمَعينَ، وما ردَّ عليه واحدٌ منهم، بل ساعَدوه، ووافَقوه، وأمَروا بذلك (٣).

عددُ رَكعاتِ التَّراويحِ:

قال الإمامُ السُّيوطيُّ : الذي وَرَدت به الأحاديثُ الصَّحيحةُ والحِسانُ الأمرُ بقيامِ رَمضانَ، والتَّرغيبُ فيه مِنْ غيرِ تَخصيصٍ بعددٍ، ولم يثبُت أنَّ النَّبيَّ صلَّى التَّروايحَ عِشرينَ رَكعةً، وإنَّما صلَّى لَياليَ


(١) رواه البُخاري (١٩٠٦).
(٢) مِنْ «معاني الآثار»: الخَرَصُ: الكَذِبُ، وكُلُّ قَولٍ بالظَّنِّ، يُقالُ: تَخَرَّصَ عليه، إذا افتَرى، واختَرَصَ، إذا اختَلَف (القاموس المُحيط).
(٣) «الاختيار تعليل المختار» (١/ ٧٥)، و «البحر الرائق» (١/ ٧١)، و «حاشية الطحطاوي» (١/ ٢٧٠)، و «فتاوى السُّبكيِّ» (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>