للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونُقلَ عن البِيانِ أنَّه لو كانَ له مِئتا دِرهَمٍ في كِيسٍ ومِثلُها في آخَرَ، وشَكَّ هل بَقيَ عليه خَمسةٌ من جُملةِ زَكاةِ هذه الدَّراهمِ فلا شَيءَ عليه بخِلافِ ما لو شَكَّ في مِئتَينِ في كِيسٍ بعَينِه هل أخرَجَ زَكاتَه أو لا، فإنَّ الأصلَ بَقاؤُها عليه وإِخراجُها.

ثم قالَ: والضابِطُ أنَّه مَتى لزِمَه شَيءٌ وشَكَّ هل أخرَجه أو لا لزِمَه إِخراجُه لتَيقُّنِ شَغلَ الذِّمةِ به فلا تُبرأُ إلا بتَيقُّنِ إِخراجِه، ومَتى شَكَّ هل لزِمَه كذا أو لا لم يَلزمْه؛ لأنَّ الأصلَ بَراءةُ الذِّمةِ (١).

حُكمُ من شَكَّ في تأديةِ كلِّ الزَّكاةِ أو بَعضِها؟

ذكَرَ ابنُ نَجيمٍ أنَّ حادِثةً وَقعت مُفادُها: أنَّ رَجلًا شَكَّ هل أدَّى جَميعَ ما عليه من الزَّكاةِ أو لا؟ حيثُ كانَ يُؤدِّي ما عليه مُتفرِّقًا من غيرِ ضَبطٍ، فتَمَّ إِفتاؤُه بلُزومِ الإِعادةِ حيثُ لم يَغلِبْ على ظَنِّه دَفعُ قَدرٍ مُعيَّنٍ، وهذا الحُكمُ هو مُقتَضى القَواعدِ؛ لأنَّ الزَّكاةَ ثابِتةٌ في ذمَّتِه بيَقينٍ، فلا يَخرجُ عن العُهدةِ بالشَّكِّ (٢).

وهذا أيضًا قَولُ الشافِعيةِ وقد قالَ ابنُ حَجرٍ الهَيتَميُّ (٣): قالَ بعضُ الأَصحابِ لمَن قالَ: علَيَّ فَوائِتُ لا أذكُرُ عَددَها: نَردُّك إلى زَمنِ بُلوغِك،


(١) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (١/ ١٥٥، ١٥٦).
(٢) «غمز عيون البصائر على الأشباه» (١/ ٢٢٣)، (٢/ ٥٥)، و «نزهة النواظر على الأشباه والنظائر» (٦٧، ١٩٩)، والحموي (١/ ٢١٥)، و «البحر الرائق شرح كنز الرقائق» (٢/ ٢٢٨)، و «الفروق» للقرافي (١/ ٢٢٥).
(٣) «الفتاوى الفقهية الكبرى» (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>