للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَّخَذًا لِلعَيشِ في الأغلَبِ، ولا حَدَّ في الِادِّخارِ، بَلْ هو في كلِّ شَيءٍ بحَسَبِه، ثم إنَّه لا بدَّ أنْ يَكونَ الِادِّخارُ على وَجْهِ العُمومِ، فلا يُلتَفَتُ لِما كانَ ادِّخارُه نادِرًا.

فيَحرُمُ الرِّبا في كلِّ ما كانَ قُوتًا مُدَّخَرًا، وما ليسَ بقُوتٍ -كالفَواكِهِ-، أو كانَ قُوتًا لا يُدَّخَرُ، لا يَجري فيه الرِّبا.

اشتِراطُ المُماثَلةِ والقَبضِ:

اتَّفق العُلماءُ إلى أنَّ الأعيانَ التي يَجري فيها الرِّبا على اختِلافِهم فيها إذا بِيعَتْ بجِنسِها، كَتَمرٍ بتَمرٍ، وذَهَبٍ بذَهَبٍ، وهكذا، فإنَّه يُشترَطُ فيها شَرطانِ:

١ - المُماثَلةُ في القَدْرِ مِثْلًا بمِثْلٍ: فإن تَفاضَلَا لَم يَجُزْ بالإجماعِ؛ لأنَّ الفَضلَ رِبًا؛ لِحَديثٍ أبي سَعيدٍ مَرفوعًا: «الذَّهبُ بالذَّهبِ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ، والبُرُّ بالبُرِّ، والشَّعيرُ بالشَّعيرِ، والتَّمرُ بالتَّمرِ، والمِلحُ بالمِلحِ، مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، فمَن زادَ أو استَزادَ فقد أرْبَى، الآخِذُ والمُعطي فيه سَواءٌ» (١).

قالَ أبو عمرَ : وجُملةُ مَذاهبِ العُلماءِ في ذلك أنَّ الذَّهبَ والوَرِقَ يَدخُلُهما الرِّبا في الجِنسِ الواحِدِ مِنْ وَجهَيْنِ، وهُما التَّفاضُلُ والنَّسيئةُ، فلا يَجوزُ ذَهَبٌ بذَهَبٍ، إلَّا مِثْلًا بمِثْلٍ، يَدًا بيَدٍ، وكذلك الوَرِقُ بالوَرِقِ.

فأمَّا الجِنسانِ أحَدُهما بالآخَرِ، كالذَّهبِ بالوَرِقِ، فجائِزٌ التَّفاضُلُ فيهِما بإجماعٍ مِنْ العُلماءِ، ولا يَجوزُ فيهما النَّسيئةُ بإجماعٍ أيضًا مِنْ العُلماءِ (٢).


(١) رواه البخاري (٢١٧٧)، ومسلم (١٥٨٤).
(٢) «الاستذكار» (٦/ ٣٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>