للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَهَبَ الحَنفيَّةُ في قَولٍ، والشَّافعيَّةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ عِندَهم، وهو تَخريجٌ لِلحَنابِلةِ إلى أنَّه يَجوزُ استِئجارُ الكَلبِ؛ كالفَهدِ والبازِي والشَّبَكةِ لِلِاصطيادِ، ولأنَّ فيه نَفعًا مُباحًا تَجوزُ له إجارَتُه فجازَتْ إجارَتُه لَه، كَغَيرِه.

وَيَصحُّ استِئجارُ طائِرٍ لِلصَّيدِ عندَ الشَّافعيَّةِ والحَنابِلةِ، كَصَقرٍ وبازٍ، وكَذا فَهدٌ، مدَّةً مَعلومةً؛ لأنَّه نَفعٌ مُباحٌ مُتقَوَّمٌ.

وقالَ الحَنفيَّةُ: استِئجارُ البازِي المُعَلَّمِ لِلِاصطيادِ لا يَجوزُ؛ لأنَّ المَنفَعةَ المَطلوبةَ منه غيرُ مَقدورةِ الِاستِيفاءِ؛ إذْ لا يُمكِنُ إجبارُ البازِي على الصَّيدِ، فلَم تَكُنِ المَنفَعةُ التي هي مَعقودٌ عليها مَقدورةَ الِاستِيفاءِ في حَقِّ المُستَأجِرِ، فلَم تَجُزْ.

واختَلفوا في استِئجارِ الهِرَّةِ لِصَيدِ الفَأرِ، فأجازَه الشَّافعيَّةُ، وقالَ الحَنفيَّةُ: لا يَصحُّ استِئجارُ الهِرَّةِ لِدَفْعِ الفَأرِ؛ لأنَّه لَيسَ مِنْ إجاراتِ النَّاسِ، ولأنَّه يَصيدُ بفِعلِه؛ لأنَّ المُستَأجِرَ يُرسِلُ الكَلبَ والبازِيَ فيَذهَبانِ بإرسالِه فيَصيدانِ، وصَيدُ السِّنَّورِ بفِعلِه.

المَسألةُ الثَّالثةُ: استِئجارُ التُّفَّاحِ والرَّياحِينِ لِلشَّمِّ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ إجارةِ التُّفَّاحِ والرَّياحِينِ لِلشَّمِّ، هَلْ يَجوزُ أو لا؟

فذهبَ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى عَدَمِ جَوازِ إجارةِ الشَّيءِ؛ كالتُّفَّاحِ مثلًا لِشَمِّه، وكَذا الرَّياحِينُ؛ لأنَّ الرَّائِحةَ عندَ الحَنفيَّةِ مَنفَعةٌ غيرُ مَقصودةٍ. وقالَ المالِكيَّةُ: لأنَّها لا قِيمةَ لَها شَرعًا.

وقالَ الشَّافعيَّةُ: لا يَصحُّ استِئجارُ تُفَّاحةٍ لِلشَّمِّ؛ لأنَّها تافِهةٌ، لا تُقصَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>