والثالِثُ: إنْ كانَ الأجَلُ يَحلُّ تلك السَّنةَ أُعطيَ وإلا فلا يُعطَى من صَدقاتِ تلك السَّنةِ.
٧ - ألَّا يَكونَ قادِرًا على السَّدادِ من مالٍ عندَه زَكويٍّ أو غيرِ زَكويٍّ، زائدٍ على كِفايتِه، فلو كانَ له دارٌ يَسكنُها تُساوِي مِئةً وعليه مِئةٌ وتَكفيه دارٌ بخَمسينَ فلا يُعطَى حتى تُباعَ ويَدفعَ الزائِدَ في دَينِه على ما صرَّحَ به المالِكيةُ.
ولو وُجِد ما يَقضي به الدَّينُ أُعطيَ البَقيَّةَ فَقط، وإنْ كانَ قادِرًا على وَفاءِ الدَّينِ بعدَ زَمنِ الاكتِسابِ فعندَ الشافِعيةِ قَولانِ في جَوازِ إِعطائِه منها، أصَحُّها: يُعطَى؛ لأنَّه لا يُمكِنُه قَضاؤُه إلا بعدَ زَمانٍ، وقد يَعرضُ ما يَمنعُه من القَضاءِ، والثاني: لا يُعطَى كالفَقيرِ.
الضَّربُ الثاني: الغارِمُ لإِصلاحِ ذاتِ البَينِ:
والنَّوعُ الثاني مِنْ الغارِمينَ: فِئةٌ من أَصحابِ المُروءةِ والمَكرُماتِ والهِمَمِ العاليةِ عرَفها المُجتمَعُ العَربيُّ والإِسلاميُّ، وهُم الذين يُغرَّمونَ لِإصلاحِ ذاتِ البَينِ، وذلك بأنْ يَقعَ بينَ جَماعةٍ عَظيمةٍ -كقبيلتَينَ أو أهلِ قَريتَينِ- تَشاجُرٌ في دِماءٍ وأَموالٍ، ويَحدثُ بسَببِها الشَّحناءُ والعَداوةُ، فيَتوسَّطُ الرَّجلُ بالصُّلحِ بينَهما ويَلتزِمُ في ذمَّتِه مالًا عِوضًا عمَّا بينَهم ليُطفئَ الثائِرةَ، فهذا قد أَتى مَعروفًا عَظميًا، فكانَ من المَعروفِ حَملُه عنه من الصَّدقةِ لئلَّا يُجحِفَ ذلك لِساداتِ القَومِ المُصلِحينَ، أو يُوهِنُ عَزائمَهم، فجاءَ الشَّرعُ بإِباحةِ المَسألةِ فيها، وجعَلَ لهم نَصيبًا من الصَّدقةِ (١).