للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنفي كَونَ العَقيقةِ سُنةً؛ لأنَّه علَّق العقَّ بالمَشيئةِ، وهذا أمارةُ الإباحةِ، واللهُ عزَّ شأنُه أعلمُ (١).

وقال الإمامُ ابنُ رُشدٍ : فأمَّا حُكمُها فذهَبت طائفةٌ منهم الظاهِريَّةُ إلى أنَّها واجبةٌ، وذهَب الجُمهورُ إلى أنَّها سُنةٌ، وذهَب أبو حَنيفةَ إلى أنَّها ليست فَرضًا ولا سُنةً، وقد قيلَ: إنَّ تَحصيلَ مَذهبِه أنَّها عندَه تَطوعٌ.

وسَببُ اختِلافِهم: تَعارضُ مَفهومِ الآثارِ في هذا البابِ، وذلك أنَّ ظاهرَ حَديثِ سَمرةَ -وهو قولُ النَّبيِّ : «كلُّ غُلامٍ مُرتهَنٌ بعَقيقتِه تُذبحُ عنه يومَ سابعِه ويُماطُ عنه الأذى» - يَقتَضي الوُجوبَ.

وظاهرُ قولِه وقد سُئل عن العَقيقةِ فقال: «لا أُحبُّ العُقوقَ ومَن وُلد له وَلدٌ فأَحبَّ أنْ يَنسُكَ عن وَلدِه فليَفعلْ»، يَقتَضي النَّدبَ، أو الإباحةَ، فمَن فَهم منه النَّدبَ قال: العَقيقةُ سُنةٌ، ومَن فَهم الإباحةَ قال ليست بسُنةٍ ولا فَرضٍ، وخرَّج الحَديثَين أبو داودَ.

ومن أخَذ بحَديثِ سَمرةَ أوجَبها (٢).

العَقيقةُ تَكونُ في مالِ الأبِ أو في مالِ المَولودِ؟

اختلَف الفُقهاءُ هل تَجبُ العَقيقةُ في مالِ الأبِ؟ أو هي في مالِ المَولودِ إنْ كان عندَه مالٌ، فإنْ لم يَكنْ تَكونُ على الأبِ، ولا تَكونُ على أحَدٍ


(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ٦٩)، و «درر الحكام» (٣/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٣٢٦).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>