للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظرُ المَرأةِ إلى المَرأةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنه يَحرمُ أنْ تَنظرَ المرأةُ إلى عَورةِ المَرأةِ لغيرِ ضَرورةٍ؛ لِمَا رواه مُسلمٌ عن أبي سَعيدٍ الخُدريِّ أنَّ رسولَ اللهِ قالَ: «لا يَنظرُ الرَّجلُ إلى عَورةِ الرَّجلِ، ولا المرأةُ إلى عَورةِ المرأةِ، ولا يُفضِي الرَّجلُ إلى الرَّجلِ في ثَوبٍ واحِدٍ، ولا تُفضِي المرأةُ إلى المرأةِ في الثَّوبِ الواحِدِ» (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : فيهِ -أي هذا الحَدِيث- تَحريمُ نَظرِ المَرأةِ إلى عَورةِ المَرأةِ، وهذا لاخِلافَ فيه (٢).

وأمَّا حَدُّ العَورةِ بالنِّسبةِ للمَرأةِ مع المرأةِ فهو ما بينَ السُّرةِ والرُّكبةِ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيةِ في الصَّحيحِ والمالِكيةِ والشَّافعيةِ والحَنابلةِ، فكُلَّ ما يَحلُّ للرَّجلِ أنْ يَنظرَ إليه مِنْ الرَّجلِ يَحلُّ للمَرأةِ أنْ تَنظرَ إليه مِنْ المَرأةِ، وكُلَّ ما لا يَحلُّ له لا يَحلُّ لها، فتَنظرُ المَرأةُ مِنْ المَرأةِ إلى سائِرِ جَسدِها إلَّا ما بينَ السُّرةِ والرُّكبةِ؛ لأنه ليسَ في نَظرِ المَرأةِ إلى المرأةِ خَوفُ الشَّهوةِ والوقوعِ في الفِتنةِ، كما ليسَ ذلكَ في نَظرِ الرَّجلِ إلى الرَّجلِ، حتَّى لو خافَتْ ذلكَ تَجتنِبُ عن النَّظرِ كما في الرَّجلِ، ولا يَجوزُ لها أنْ تَنظرَ ما بينَ سُرَّتها إلى الرَّكبةِ إلَّا عِنْدَ الضَّرورةِ، بأنْ كانَتْ قابِلةً فلا بأسَ لها أنْ تَنظرَ إلى الفَرْجِ عندَ الوِلادةِ، وكذا لا بأسَ أنْ تَنظرَ إليه لمَعرفةِ


(١) رواه مسلم (٣٣٨).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (٤/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>