للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِجارةُ الدارِ المُوصَى بمَنفَعتِها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن أُوصيَ له بسُكنى دارٍ، هل له أنْ يُؤجِّرَها أو لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُوصَى له إذا أَرادَ إِجارةَ الدارِ في المُدةِ التي أَوصَى له بنَفعِها جازَ؛ لأنَّها مَنفَعةٌ يَملكُها مِلكًا تامًّا فملَكَ أخْذَ العِوضِ عنها بالأَعيانِ، كما لو ملَكَها بالإِجارةِ (١).

وقالَ الحَنفيةُ: إذا أَوصَى لرَجلٍ بسُكنى دارٍ فليس له أنْ يُؤاجِرَ الدارَ؛ لأنَّه ليسَ للمُوصَى له بالغَلةِ أنْ يَسكنَ، فوجَبَ ألَّا يُؤاجرَ المُوصَى له بالسُّكنَى وألَّا يَتعدَّى ما أَوصَى له به، ولأنَّه لمَّا لم يَكنْ للمُستعيرِ أنْ يُعيرَ وجَبَ أنْ يَكونَ كذلك المُوصَى له؛ لأنَّه ملَكَ المَنافعَ بغيرِ بَدلٍ، ولأنَّ الثابِتَ للمُوصَى له بالسُّكنَى والخِدمةِ ملَكَ المَنفعةَ بغيرِ عِوضٍ، فلا يَحتملُ التَّمليكَ بعِوضٍ كالمِلكِ الثابِتِ للمُستعيرِ بالإِعارةِ حتى لا يَملكَ الإِجارةَ، كذا هذا (٢).


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٥٢٦)، و «الذخيرة» (٧/ ١٣١)، و «المغني» (٦/ ٩٢، ٩٣)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٥١٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٥٥).
(٢) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ٢٤)، و «المبسوط» (٢٠/ ١٤٦)، و «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٨٦)، و «الاختيار» (٥/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>