للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذهبُ الشافِعيِّ؛ لأنه أبانَ أنفَه، فلَزمَتْه ديَتُه كما لو لم يَلتحمْ، ولأنَّ ما أُبينَ قد نَجُسَ، فلَزمَه أنْ يُبينَه بعدَ التِحامِه، ومَن قالَ بقولِ أبي بَكرٍ منَعَ نَجاستَه ووُجوبَ إبانتِه؛ لأنَّ أجزاءَ الآدَميِّ كجُملتِه؛ بدَليلِ سائرِ الحَيواناتِ، وجُملتُه طاهرةٌ وكذلكَ أجزاؤُه (١).

الدِّية في إذهابِ الشَّمِّ:

ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابلةُ إلى أنَّ الجِنايةَ على حاسَّةِ الشمِّ بإذهابِه تُوجِبُ ديَةً كاملةً، قالَ ابنُ قُدامةَ : ولا نَعلمُ في هذا خِلافًا (٢)؛ لِما رُويَ في الحَديثِ مَرفوعًا: «وفي المَشامِّ الدِّيةُ» (٣)، ولأنها حاسَّةٌ تَختصُّ بمَنفعةٍ مَقصودةٍ، فوجَبَ بإتلافِها الدِّيةُ كالسَّمعِ والبَصرِ.

وإنْ ذهَبَ الشمُّ مِنْ أحَدِ المِنخرينِ وجَبَ فيه نِصفُ الدِّيةِ، كما تَجبُ في إذهابِ البَصرِ مِنْ أحَدِ العَينينِ والسَّمعِ مِنْ أحَدِ الأذُنينِ.

وإنْ جنَى عليهِ فنقَصَ الشمُّ وجَبَ عليهِ أرشُ ما نقَصَ، وإنْ أمكَنَ أنْ يُعرَفَ قدرُ ما نقَصَ وجَبَ فيه مِنْ الدِّيةِ بقَدرِه، وإنْ لم يُمكنْ مَعرفةُ قَدرِه وجَبَتْ فيه الحُكومةُ، كما في نُقصانِ السَّمعِ.


(١) «المغني» (٨/ ٣٤٧، ٣٤٨)، و «البيان» (١١/ ٥٢٢، ٥٢٣)، و «الجوهرة النيرة» (٥/ ٢٣٥)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٢٦٦).
(٢) «المغني» (٨/ ٣٤٧).
(٣) لم أَجِدْه، ولا يُوجَدُ في حَديثِ الديَاتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>