ﷺ:«إنَّ اللهَ يَرضى لكُم ثَلاثًا: أنْ تَعبُدوه ولا تُشرِكوا به شَيئًا، وأنْ تَعتصِموا بحَبلِ اللهِ جَميعًا ولا تَفرَّقوا، وأنْ تُناصِحوا مَنْ ولَّاهُ اللهُ أمْرَكم» رَواهُ مُسلمٌ، وقالَ:«ثَلاثٌ لا يُغِلُّ عليهِنَّ قَلبُ مُسلمٍ: إخلاصُ العَملِ للهِ، ومُناصَحةُ وُلاةِ الأمورِ، ولزومُ جَماعةِ المُسلمينَ، فإنَّ دَعوَتَهم تُحيطُ مِنْ وَرائِهم» رَواهُ أهلُ السُّننِ، وفي الصَّحيحِ عنه أنه قالَ:«الدِّينُ النَّصيحةُ، الدِّينُ النَّصيحةُ، الدِّينُ النَّصيحةُ، قالُوا: لمَن يا رَسولَ اللهِ؟ قالَ: للهِ ولكِتابِه ولرَسولِه ولأئمَّةِ المُسلمينَ وعامَّتِهم».
فالواجِبُ اتِّخاذُ الإمارةِ دِينًا وقُربةً يتقرَّبُ بها إلى اللهِ؛ فإنَّ التقرُّبَ إليهِ فيها بطاعَتِه وطاعَةِ رَسولِه مِنْ أفضَلِ القُرباتِ، وإنما يَفسدُ فيها حالُ أكثَرِ الناسِ لابتِغاءِ الرِّياسةِ أو المالِ بها (١).
نَصْبُ أكثرَ مِنْ إمامٍ:
نَصَّ عامةُ فُقهاءِ الإسلامِ على أنه لا يَجوزُ نَصبُ أكثرِ مِنْ إمامٍ في وقتٍ واحدٍ وإنْ تباعَدَتْ أقطارُ المُسلمينَ، إلَّا إمامَ الحرَمينِ وأبا إسحَاق الإسفرايينيَّ مِنْ الشافِعيةِ أجازاه عندَ الضَّرورةِ.
قالَ الإمامُ ابنُ حَزمٍ ﵀: ثمَّ اتَّفق مَنْ ذكَرْنا ممَّن يَرَى فرْضَ الإمامةِ على أنه لا يَجوزُ كَونُ إمامَينِ في وَقتٍ واحدٍ في العالَمٍ، ولا يَجوزُ إلَّا إمامٌ واحدٌ، إلَّا مُحمدَ بنَ كرَّامٍ السَّجستانِيَّ وأبا الصَّباحِ السَّمرقنديَّ وأصحابَهُما، فإنهم أجازُوا كونَ إمامَينِ في وَقتٍ وأكثَرِ في وَقتٍ واحدٍ،
(١) «السياسة الشرعية» ص (١٣٦)، و «مجموع الفتاوى» (٢٨/ ٣٩٠).