للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيلَ: يُكرهُ له حينَئذٍ الطَّلب وكذا قَبولُ التَّوليةِ أيضًا؛ لأنَّه ورَدَ فيه نَهيٌ مَخصوصٌ وعليه حُملَتِ الأَخبارُ الواردةُ في التَّحذيرِ وامتِناعِ السَّلفِ منه.

وقيلَ: لا كَراهةَ في طَلبٍ ولا قَبولٍ، بل هما خِلافُ الأَولى» (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: «يُكرهُ له طَلبُ القَضاءِ معَ وُجودِ صالحٍ له» (٢).

الحُكمُ الخامسُ: يَحرمُ عليه تَوليةُ القَضاءِ:

نصَّ الفُقهاءُ على أنَّه يَحرمُ تَولي القَضاءِ لمَن يَعلمُ مِنْ نَفسِه العَجزِ عنه، وعَدمَ الإِنصافِ فيه؛ لمَا يَعلمُ مِنْ باطنِه مِنْ اتِّباعِ الهَوى ما لا يَعرِفونَه فيَحرمُ عليه، وكذا يَحرمُ لمَن خافَ الحَيفَ أيْ: الظُّلمَ والجَورَ على غيرِه؛ كيلا يَكونَ ذَريعةً إلى مُباشرةِ الظُّلمِ (٣).

وقالَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ: «يَحرمُ أنْ يَسعى في طَلبِ القَضاءِ وهو جاهلٌ ليسَ له أَهليةُ القَضاءِ، أو يَسعى فيه وهو مِنْ أَهلِ العِلمِ لكنَّه مُتلَبسٌ بما يُوجبُ فِسقَه، أو كانَ قَصدُه بالوِلايةِ الانتقامَ مِنْ أَعدائِه أو قَبولَ الرِّشوةِ مِنْ الخُصومِ وما أشبَهَ ذلك مِنْ المَقاصدِ، فهذا يَحرمُ عليه السَّعيُ في القَضاءِ» (٤).


(١) «النجم الوهاج» (١٠/ ١٤٢)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢٨٦)، و «تحفة المحتاج» (١٠/ ٧٦).
(٢) «كشاف القناع» (٦/ ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٤٦٤).
(٣) «الاختيار» (٢/ ٩٨)، و «البحر الرائق» (٦/ ٢٩٤)، و «درر الحكام» (٨/ ٣٧٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٥/ ٣٦٧).
(٤) «معين الحكام» (١/ ١٠)، و «تبصرة الحكام» (١/ ١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>