للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَوضِعُ الأولُ: إذا طلَع عليه الفَجرُ وهو مُجامِعٌ ونزَع في الحالِ:

فقال الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في قَولٍ وهو اختيارُ ابنِ تَيميَّةَ والمَرداويِّ: صَومُه صَحيحٌ، لِما رَواه البَيهَقيُّ عن نافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ : «كان إذا نُودي بالصَّلاةِ، والرَّجلُ على امرأتِه، لم يَمنَعْه ذلك أنْ يَصومَ، إذا أرادَ الصِّيامَ، قام، واغتسَل، وأتَمَّ صيامَه» (١).

ولأنَّ الإخراجَ تَركٌ لِلجِماعِ، وما عُلِّق على فِعلِ شَيءٍ لا يَتعلَّقُ بتَركِه، كما لو حلَف ألَّا يَلبَس هذا الثَّوبَ وهو عليه، فبَدأ يَنزِعُه، لم يَحنَثْ، أو حلَف ألَّا يَدخُلَ دارًا وهو فيها، فخرج منها فكذلك هنا.

وقال المالِكيَّةُ: بطَل صَومُه ووجَب عليه القَضاءُ فقط؛ لأنَّه حُصولُ وَطءٍ في جُزءٍ من النَّهارِ، فأشبَهَ إذا استدامَ.

وفي قَولٍ لِلحَنابِلةِ: يَجِبُ القَضاءُ والكَفَّارةُ إنْ نزَع في الحالِ مع أولِ طُلوعِ الفَجرِ، وهو قَولُ ابنِ حامِدٍ والقاضي، ونَصَرَه ابنُ عَقيلٍ؛ لأنَّ النَّزعَ جِماعٌ يُلتَذُّ به، فتَعلَّق به ما يَتعلَّقُ بالاستِدامةِ كالإيلاجِ (٢).

المَوضِعُ الثاني: إذا استمَرَّ في الجِماعِ هل تَجِبُ عليه الكَفَّارةُ أو لا؟

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه تَجِبُ عليه


(١) رواه البيهقي (٤/ ٢١٩)، وقال النَّوَويُّ في «المجموع» (٧/ ٥١٣): إسنادُه صحيحٌ.
(٢) «الإنصاف» (٣/ ٣٣١، ٣٣٢)، ويُنظَر: «المغني» (٤/ ١٨٥)، و «المجموع» (٧/ ٥٠٩، ٥٠٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «الإشراف» (٢٩٩)، و «المبدع» (٣/ ٣٢)، و «الإفصاح» (١/ ٣٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>