وقالَ حَنبلٌ في رِوايةِ الواثقِ: اجتَمعَ فُقهاءُ بَغدادَ إلى أبي عبدِ اللهِ وقالَوا: هذا أمرٌ قد تفاقَمَ وفشَا -يَعنونَ إظهارَ الخَلقِ للقُرآنِ- نُشارِكُ في أنَّا لسْنَا نرضَى بإمرَتِه ولا سُلطانِه، فقالَ: وعَليكُم بالنُّكرةِ بقُلوبكُم، ولا تَخلَعوا يَدًا مِنْ طاعةٍ، ولا تَشقُّوا عصَا المُسلمينَ، وقالَ في رِوايةِ المَروزيِّ وذُكِرَ الحسَنُ بنُ صالحٍ فقالَ: كانَ يَرى السيفَ، ولا نرضَى بمَذهبِه (١).
باقِي شُروطِ الإمامةِ:
واشتَرطَ الفُقهاءُ شُروطًا عدَّةً، مثلَ كونِه ذا نَجدةٍ وكِفايةٍ في المُعضِلاتِ ونُزولِ الدَّواهي والملمَّاتِ، وأنْ يكونَ سَميعًا بَصيرًا وغَيرها مِنْ الشُّروطِ، وهل يَنعزلُ بفَقدِ هذهِ الشُّروطِ أم لا؟ بيَّنَ ذلكَ باختِصارٍ الأمامُ الماوَرديُّ ﵀ حيثُ قالَ: وأما ما طرَأَ على بَدنِه مِنْ نَقصٍ فيَنقسمُ ثَلاثةَ أقسامٍ:
أحَدُها: نَقصُ الحَواسِّ، والثَّاني: نَقصُ الأعضاءِ، والثالثُ: نَقصُ التَّصرفِ.
فأما نَقصُ الحَواسِّ فيَنقسمُ ثَلاثةَ أقسامٍ:
قِسمٌ يَمنعُ مِنْ الإمامةِ، وقِسمٌ لا يَمنعُ منها، وقِسمٌ مُختلَفٌ فيه.
فأما القِسمُ المانعُ منها فشَيئانِ:
أحَدُهما: زَوالُ العَقلِ، والثاني: ذَهابُ البصرِ، فأما زوالُ العقلِ فضَربانِ:
أحَدُهما: ما كانَ عارِضًا مَرجوَّ الزَّوالِ كالإغماءِ، فهذا لا يَمنعُ مِنْ
(١) «الأحكام السلطانية» ص (٢٠، ٢١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute