للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والحَنابلةُ إلى أنَّ الأكلَ مُستحبٌّ والصَّدقةَ واجبةٌ، فإنْ أكلَ جميعَها لم يُجزِئْ، ويَجبُ عليه أنْ يَتصدقَ بقَدرِ ما يَقعُ عليه الاسمُ كالأُوقيَّةِ بمثلِه لَحمًا، والأفضلُ أنْ يَتصدقَ بجميعِها؛ لأنَّه أعظمُ أجرًا ومُسارَعة إلى الخَيراتِ، إلا لُقمًا يَتبَرَّكُ بأكلِها؛ لأنَّ النَّبيَّ أكَل من كَبدِ البُدنِ التي نحَرها.

والدَّليلُ على وُجوبِ التَّصدقِ ببعضِها قولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ﴾ [الحج: ٣٦]، فجعَلها لنا، ولم يجعَلْها علينا، فدلَّ على أنَّ أكلَنا منها مُباحٌ، وليس بواجبٍ، ولأنَّ حُقوقَ الإنسانِ هو مُخيَّرٌ فيها بينَ الاستِبقاءِ والإسقاطِ، ولأنَّ مَوضوعَ القُربِ بالأُصولِ أنَّها مُستحقَّةٌ عليه وليست مُستحقَّةً له، ولأنَّ قولَه تَعالى في الضَّحايا: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا﴾ جارٍ مَجرى قولِه في الزَّكاةِ: ﴿كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ﴾ [الأنعام: ١٤١]. فكان أكلُه مُباحًا والإيتاءُ واجبًا كذلك الأكلُ من الأُضحيَّةِ مُباحٌ والإطعامُ واجبٌ (١).

حُكمُ الأكلِ من الأُضحيَّةِ المَنذورةِ:

الأصلُ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ أنَّه لا يَحلُّ للناذرِ أنْ يَأكلَ من الأُضحيَّةِ المَنذورةِ.


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٦، ١١٧)، و «البيان» (٤/ ٤٥٤، ٤٥٧)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٥١٦، ٥١٩)، و «مغني المحتاج» (٦/ ١٤٦، ١٤٧)، و «المغني» (٩/ ٣٥٤، ٣٥٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨١)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٢، ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>