للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنفيةُ: لو استَعانَ أهلُ البغيِ بأهلِ الذِّمةِ فقاتَلوا معَهم لم يكنْ ذلكَ منهُم نَقضًا للعَهدِ، كما أنَّ هذا الفِعلَ مِنْ أهلِ البَغيِ ليسَ نقضًا للإيمانِ، فالذينَ انضَمُّوا اليهِم مِنْ أهلِ الذِّمةِ لم يَخرُجوا مِنْ أنْ يَكونوا مُلتزِمينَ حُكمَ الإسلامِ في المُعاملاتِ وأنْ يَكونوا مِنْ أهلِ الدارِ، فحُكمُهم حُكمُ البغاةِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: إذا استَعانَ المُتأوِّلُ بذِميٍّ فإنه يُرَدُّ إلى ذمَّتِه مِنْ غيرِ غُرمٍ على الذمِّيِّ بما أتلَفَ مِنْ نَفسٍ أو مالٍ، ويُوضَعُ عن الذميِّ ما وُضعَ عن المُتأوِّلِ، وأما الباغي إذا كانَ قتالُه على وَجهِ العِنادِ والعَصبيةِ مِنْ غيرِ تأويلٍ فإنه يَضمنُ ما أتلَفَ مِنْ نَفسٍ ومالٍ وطرَفٍ وفَرجٍ، فيُقتَصُّ منه، ويَردُّ المالَ سواءٌ كانَ قائِمًا أو فائتًا.

وقتالُ الذِّميِّ مع المُعانِدِ للإمامِ العَدلِ نَقضٌ لعَهدهِ يُوجِبُ استِحلالَه حيثُ خَرَجوا طائِعينَ، وأما غيرُ العَدلِ فالخارجُ عليهِ عِنادًا كالمتأوِّلِ، وإنْ خَرَجوا مُكرَهينَ فلا يَنتقضُ عَهدُهم، لكنْ إنْ قتَلَ ذلكَ الذِّميُّ أحَدًا قُتلَ به وإنْ كانَ مُكرَهًا (٢).

حُكمُ الاستِعانةِ بالمشرِكينَ وأهلِ الذِّمةِ على قِتالِ البُغاةِ:

اختَلفَ العُلماءُ في الاستِعانةِ بالمُشرِكينَ وأهلِ الذِّمةِ على قِتالِ البُغاةِ على قَولينِ:


(١) «شرح فتح القدير» (٦/ ١٠٨)، و «البحر الرائق» (٥/ ١٥٢).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٥، ٣٠٦)، و «شرح مختصر خليل» (٨/ ٦١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٦/ ٢٧٩، ٢٨٠)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>