والتَّرتيبُ شَرطٌ في السَّعيِ عندَ الحَنفيةِ في المَشهورِ والمالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلةِ، وهو أنْ يَبدَأ بالصَّفا ويَختمَ بالمَروةِ، فإنْ بدَأ بالمَروةِ لم يُعتدَّ بذلك الشَّوطِ، فإذا صارَ إلى الصَّفا اعتَدَّ بما يَأتي بعدَ ذلك؛ لأنَّ التَّرتيبَ هَهُنا مَأمورٌ به؛ لقولِ النَّبيِّ ﷺ وفِعلِه.
قال ابنُ قُدامةَ ﵀: والسَّعيُ تَبعٌ لِلطَّوافِ لا يَصحُّ إلا أنْ يَتقدَّمه طوافٌ، فإنْ سعَى قبلَه لم يَصحَّ، وبذلك قال مالكٌ والشافِعيُّ وأصحابُ الرَّأيِ وقال عَطاءٌ: يُجزِئُه، وعن أحمدَ: يُجزِئُه إنْ كان ناسيًا، وإنْ عمَد لم يُجزِئْه سَعيُه؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ لمَّا سُئل عن التَّقديمِ والتَّأخيرِ في حالِ الجَهلِ والنِّسيانِ قال:«لا حرجَ».
ووَجهُ الأولِ: أنَّ النَّبيَّ ﷺ إنَّما سعَى بعدَ طَوافِه، وقد قال:«لتَأخُذوا عَنِّي مَناسكَكم»، فعلى هذا: إنْ سعَى بعدَ طَوافِه ثم علِم أنَّه طافَ بغيرِ طَهارةٍ لم يُعتدَّ بسَعيِه ذلك، ومتى سعَى المُفرِدُ والقارِنُ بعدَ طَوافِ القُدومِ، لم يَلزمْهما بعدَ ذلك سَعيٌ، وإنْ لم يَسعَيا معه سَعيًا مع طَوافِ الزِّيارةِ (١).