للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقامَ، فإِنَّه يُعَدُّ كالجَماعةِ، فَضلًا وحُكمًا، ويَحصلُ له فَضلُ الجَماعةِ إذا نَوى الإمامةَ؛ لأنَّه لا تَتَمَيَّزُ صَلاتُه مُنفرِدًا عن صَلاتِه إمامًا إلا بالنِّيةِ؛ ولذلك لا يُعيدُ في أُخرى، ولا يُصلِّي بعدَه جَماعةً في مَحَلِّه الذي هو مُرتبٌ فيه، ويُعيدُ معه مَنْ صلَّى فَذًّا، ويَجمَعُ وَحدَه لَيلَةَ المَطَرِ ونحوِه، إن أذَّنَ وأقامَ وانتظَرَ النَّاسَ في وقتِهمُ المُعتادِ، فلَم يَأتِه أحَدٌ (١).

وهذه الأحكامُ إنَّما هي بالنِّسبةِ لِلعددِ الذي تَنعقِدُ به الجَماعةُ في غيرِ الجمُعةِ والعِيدِ، أمَّا في الجمُعةِ والعِيدِ فإنَّ العددَ يختلِفُ مِنْ مَذهبٍ لِآخرَ، كما سيأتي -إن شاءَ اللهُ- في أحكامِ صَلاتَيِ الجمُعةِ والعِيدِ.

مَكانُ صَلاةِ الجَماعةِ:

تَجوزُ إقامةُ صَلاةِ الجَماعةِ في أيِّ مَكانٍ طاهِرٍ، في البَيتِ أو الصَّحراءِ أو المَسجدِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «أُعطِيتُ خَمسًا لَم يُعطَهُنَّ أَحدٌ قَبلِي». وذَكَر فيها: «وَجُعلت لِيَ الأَرضُ مَسجدًا وَطَهُورًا؛ فَأَيُّمَا رَجلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدرَكَتهُ الصَّلاةُ فَليُصلِّ» (٢).

وقالَت عائِشةُ : «صلَّى رَسولُ اللهِ في بَيتِه وهو شَاكٍ، فَصلَّى جالسًا، وَصلَّى وَراءَهُ قَومٌ قِيَامًا، فَأَشَارَ إِلَيهِم أَنِ اجلِسُوا» (٣)، وقالَ النَّبيُّ لِرَجلَينِ: «إذا صلَّيتُمَا في رِحَالِكُمَا ثم أَتَيتُمَا مَسجدَ


(١) «الشَّرح الكبير» (١/ ٣٢٣)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٨٢)، و «منح الجليل» (١/ ٣٥٦).
(٢) رواه البُخاري (٣٢٨)، ومُسلم (٥٢١).
(٣) رواه البُخاري (٦٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>