للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ القاضِي مِنْ الحَنابِلةِ: يَصِحُّ؛ لأنَّه عقَّبَه بما يَرفَعُه، فصَحَّ الإِقرارُ دونَ ما يَرفَعُه، كاستِثناءِ الكلِّ، وكما لو قالَ: إنْ شاءَ اللَّهُ (١).

ثالِثًا: تَعليقُ الإِقرارِ على شَرطٍ:

نَصَّ عامةُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في الأشهَرِ إلى أنَّ تَعليقَ الإِقرارِ بالشَّرطِ باطِلٌ، فإذا قالَ: «له علَيَّ ألفٌ إذا قدِمَ زَيدٌ» أو «إنْ دَخلتُ الدارَ»؛ لأنَّ الإِقرارَ إِخبارٌ عن كائِنٍ سابِقٍ، والكائِنُ لا يُعلَّقُ بالشَّرطِ، وإنَّما يُعلَّقُ بالشَّرطِ غيرُ الكائِنِ؛ ليَصيرَ كائِنًا عندَ وُجودِ الشَّرطِ؛ ولأنَّه إِخبارٌ مُتَردِّدٌ بَينَ الصِّدقِ والكَذِبِ، فإنْ كانَ صِدقًا لا يَصيرُ كَذِبًا بفَواتِ الشَّرطِ، وإنْ كانَ كَذبًا لا يَصيرُ صِدقًا بوُجودِ الشَّرطِ، فلا فائِدةَ في تَعليقِه بالشَّرطِ، فأُلغيَ تَعليقُ الإِقرارِ بالشَّرطِ.

إلا إذا كانَ الشَّرطُ سَبَبًا كحُلولِ الأجَلِ ومَجيءِ الغَدِ فيَصِحُّ تَعليقُه بذلك الشَّرطِ؛ لأنَّه يُرادُ به الإِخبارُ عن مَحَلِّ الأجَلِ.

وفي قَولٍ للحَنابِلةِ يَصحُّ تَعليقُ الإِقرارِ على شَرطٍ.

وإنْ قالَ: «له علَيَّ ألفٌ إنْ مِتُّ»، كانَ إِقرارًا عندَ الحَنفيةِ، ولا يَكونُ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٠٩)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٥، ١٦)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٢٩١، ٢٩٢)، و «اللباب» (١/ ٤٦٠)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ١٤٩، ١٥٠)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ١٦٢)، و «شرح التلقين» (٣/ ٥٩، ٦٣)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٢٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٩٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٠٨، ٣٠٩)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٧٢)، و «البيان» (١٣/ ٤٢٩، ٤٣٠)، و «الإفصاح» (١/ ٤٦٣)، و «المغني» (٥/ ١٢٦)، و «كشاف القناع» (٦/ ٥٨٨، ٥٨٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٧٣٧)، و «مطالب أولي النهى» (٦/ ٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>