٥ - استِحقاقُ الأُجرةِ بمُجرَّدِ العَقدِ ووُجوبُ تَسليمِها: الأُجرةُ في الإجارةِ لا تَخْلُو مِنْ ثَلاثةِ أحوالٍ: إمَّا أنْ يَشتَرِطوا تَعجيلَها في المَجلِسِ، وإمَّا أنْ يَشتَرِطوا تَأجيلَها، وإمَّا أنْ يَعقِدوا مُطلَقًا دونَ شَرطِ تَأجيلٍ ولا شَرطِ تَعجيلٍ.
الأولُ: أنْ يَشتَرِطوا تَعجيلَها في المَجلِسِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المُستَأجِرَ إذا اشترَطَ تَسليمَ الأُجرةِ في المَجلِسِ صَحَّ؛ لأنَّ ثُبوتَ المِلْكِ في العِوَضَيْنِ في زَمانٍ واحِدٍ لِتَحقيقِ مَعنَى المُعاوَضةِ المُطلَقةِ، وتَحقيقِ المُساواةِ، التي هي مَطلوبُ العاقِدَيْنِ، ومَعنَى المُعاوَضةِ والمُساواةِ لا يَتحقَّقُ إلَّا في ثُبوتِ المِلْكِ فيهِما في زَمانٍ واحِدٍ؛ فإذا شُرِطَ التَّعجيلُ لَم تُوجَدِ المُعاوَضةُ المُطلَقةُ، بَلْ تُوجَدُ المُقيَّدةُ بشَرطِ التَّعجيلِ؛ فيَجِبُ اعتِبارُ شَرطِهِما؛ لِقَولِ النَّبِيِّ ﷺ:«المُسلِمونَ عِند شُروطِهم»، فيثبُتُ المِلْكُ في العِوَضِ قبلَ ثُبوتِه في المُعوَّضِ، ولِهَذا صَحَّ التَّعجيلِ في ثَمنِ المَبيعِ، وإنْ كانَ إطلاقُ العَقدِ يَقتَضي الحُلولَ، كَذا هَذا (١).
والثَّاني: أنْ يَشتَرِطوا تأجيلَها:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المُؤجِّرَ والمُستَأجِرَ لَو شَرَطا في إجارةِ العَينِ تَأجيلَ الأجرِ -كَإجارةِ العَقارِ أو دَابَّةٍ أو شَخصٍ، كَما لَو قالَ: أجَّرتُكَ هذه الدَّارَ، أو السَّيَّارةَ الفُلانيَّةَ، لِسَيَّارةٍ مُعيَّنةٍ يَعرِفُها المُتعاقدانِ، أو أنْ يَستَأجِرَ شَخصًا مُعيَّنًا لِعَملٍ ما، أو لِيَخيطَ له هذا الثَّوبَ- صَحَّ، وهو إلى أجَلِه، وإنْ