للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأخيرُ الزَّكاةِ لغيرِ الحاجةِ:

أمَّا تَأخيرُ الزَّكاةِ بغيرِ عُذرٍ ولغيرِ حاجةٍ فلا يَجوزُ، ويَأثمُ بهذا التَّأخيرِ، ويَتحمِلُ تَبِعتَه حيثُ تَبيَّنَ أنَّها واجِبةٌ على الفَورِ.

وفي ذلك يَقولُ الشِّيرازيُّ من الشافِعيةِ: من وجَبَت عليه الزَّكاةُ لم يَجزْ له تَأخيرُها؛ لأنَّه حَقٌّ يَجبُ صَرفُه إلى الآدَميِّ، تَوجَّهَت المُطالَبةُ بالدَّفعِ إليه، فلم يَجزْ له التَّأخيرُ كالوَديعةِ إذا طلَبَها صاحِبُها، فإنْ أخَّرَها وهو قادِرٌ على أَدائِها ضمِنها؛ لأنَّه أخَّرَ ما يَجبُ عليه مع إِمكانِ الأداءِ فضمِنَه كالوَديعةِ (١).

وفي كُتبِ الحَنفيةِ: أنَّ تَأخيرَ الزَّكاةِ من غيرِ ضَرورةٍ تُرَدُّ به شَهادةُ مَنْ أخَّرَها ويَلزمُه الإثْمُ، كما صرَّحَ به الكَرخيُّ وغَيرُه، وهو عَينُ ما ذكَرَه الإمامُ أبو جَعفرٍ الطَّحاويُّ عن أَبي حَنيفةَ: أنَّه يُكرهُ فإنَّ كَراهةَ التَّحريمِ هي المَحمَلُ عندَ إِطلاقِ اسمِها.

قالوا: وقد ثبَتَ عن أئمَّتِنا وُجوبُ فَوريَّتِها، يَعْنونَ أبا حَنيفةَ وأبا يُوسفَ ومُحمدَ بنَ الحَسنِ.

قالوا: والظاهِرُ أنَّه يَأثمُ بالتَّأخيرِ ولو قَلَّ كيَومٍ أو يَومَينِ؛ لأنَّهم فسَّروا الفَورَ بأولِ أَوقاتِ الإِمكانِ.

وقد قيلَ: المُرادُ ألَّا يُؤخِّرَ إلى العامِ القابلِ؛ لِما في «البَدائِع» عن «المُنتَقى»: إذا لم يُؤدِّ حتى مَضى حَولانِ فقد أساءَ وأثِمَ (٢).


(١) «المهذب» (١/ ١٤٠)، و «التنبيه» (١/ ٦١).
(٢) «رد المحتار» (٢/ ٢٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>