للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ أَبو حَنيفةَ: إنْ ردَّه بعَينِه لمْ يَضمنْ، وإنْ ردَّ مِثلَه وهو يَتميزُ مِنْ الباقِي فتلِفَت الوَديعةُ كلُّها ضمِنَ بمِقدارِ ما كانَ أَخذَ، وإنْ كانَ الذي أعادَه لا يَتميزُ مِنْ الباقِي فتلِفَت الوَديعةُ ضمِنَ الجَميعَ.

وقالَ مالكٌ: إنْ ردَّها بعَينِها أو مِثلَها إنْ كانَ لها مِثلٌ لمْ يَضمنْ، وعنه أنَّه يَضمنُ.

وقالَ الشافِعيُّ: يَضمنُ على كلِّ حالٍ.

وقالَ أَحمدُ فيما رَواه الخِرقيُّ: يَضمنُ بقَدرِ ما كانَ أَخذَ، وإنْ كانَ ردَّه أو مِثلَه (١).

الحالةُ الثانِيةُ: أنْ يَسرقَ الباقِي قبلَ أنْ يَردَّ ما أخَذَه أو يَردَّ مِثلَه:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أخَذَ المُودَعُ بعضًا مِنْ الدَّراهمِ المُودعَةِ عندَه ثُم سُرقَ الباقِي قبلَ أنْ يَردَّ ما أخَذَه أو مِثلَه، هل يَضمنُ جَميعَ الوَديعةِ (ما أخَذَه وما سُرقَ)؟ أم لا يَضمنُ إلا ما سُرقَ فقط؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المُودَعَ إذا أخَذَ بعضَ الدَّراهمِ مِنْ الوَديعةِ وأنفَقَها ثُم تلِفَ الباقِي أو سُرقَ قبلَ أنْ يَردَّ ما أَخذَه ضمِنَ ما أَخذَ فقط، ولا ضَمانَ عليه في الباقِي، بل يَضمنُ ما أنفَقَ فقط ولا يَضمنُ الكلَّ؛ لأنَّ الضَّمانَ يَجبُ بقَدرِ الخِيانةِ، وقد خانَ في البَعضِ دونَ البَعضِ، ولأنَّه في الباقِي حافِظٌ للمِلكِ،


(١) «الإفصاح» (٢/ ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>