للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الدُّسوقيُّ : المَشهورُ من المَذهبِ أنَّ التَّسميةَ من فَضائلِ الوُضوءِ خِلافًا لمَن قالَ بعَدمِ مَشروعيَّتِها وبأنَّها تُكرهُ (١).

ثانيًا: غَسلُ اليَدينِ إلى الرُّسغَينِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه يُسنُّ غَسلُ اليَدينِ الطاهِرتَينِ إلى الرُّسغَينِ في ابتِداءِ الوُضوءِ لفِعلِ النَّبيِّ ذلك، فقد رَوى عُثمانُ بنُ عَفانَ في صِفةِ وُضوءِ النَّبيِّ : «دَعا بإناءٍ فأفرَغَ على كَفَّيهِ ثَلاثَ مِرارٍ فغسَلَهما ثم أدخَلَ يَمينَه في الإناءِ» (٢)، ورُويَ ذلك أيضًا عن عبدِ اللهِ بنِ زَيدٍ وعليِّ بنِ أبي طالِبٍ وغيرِهما.

قالَ ابنُ قُدامةَ : وليسَ ذلك بواجِبٍ عندَ غيرِ القيامِ من النَّومِ، بغيرِ خِلافٍ نَعلمُه، فأمَّا عندَ القيامِ من نَومِ اللَّيلِ فاختَلفَت الرِّوايةُ في وُجوبِه، فرُويَ عن أحمدَ وُجوبُه، وهو الظاهِرُ، واختيارُ أبي بَكرٍ، وهو مَذهبُ ابنِ عُمرَ وأبي هُريرةَ والحَسنِ البَصريِّ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «إذا استَيقَظ أحدُكم من نَومِه فليَغسِلْ يَدَه قبلَ أنْ يُدخِلَها في وَضوئِه؛ فإنَّ أحَدَكم لا يَدرِي أينَ باتَتْ يَدُه» مُتَّفقٌ عليه (٣)، وفي لَفظٍ لمُسلمٍ: «فلا يَغمِسْ يَدَه في الإناءِ حتى يَغسِلَها ثَلاثًا»، وأمرُه يَقتَضي الوُجوبَ، ونَهيُه يَقتَضي التَّحريمَ.


(١) «حاشية الدسوقي» (١/ ١٦٦)، و «الذخيرة» (١/ ٢٨٤)، و «كفاية الطالب» (١/ ٢٢٩).
(٢) رواه البخاري (١٥٩)، ومسلم (٢٠).
(٣) رواه البخاري (١٦٠)، ومسلم (٢٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>