للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو فسَقَ بعدَ عَدالتِه خرَجَ مِنْ الكَفالةِ، ويَستوِي فيهِ الأبَوانِ، فلو ادَّعَى أحَدُهما فِسقَ صاحبِه ليَنفردَ بالكَفالةِ مِنْ غَيرِ تَخييرٍ لم يُقبلْ قَولُه فيه، ولم يَكنْ له إحلافُه عليهِ، وكانَ على ظاهِرِ العَدالةِ حتَّى يُقيمَ مُدَّعي الفِسقِ بيِّنةً عليهِ فيُثبتَ بها فِسقَه وتَسقطَ بها كَفالتُه (١).

الشَّرطُ الثالِثُ: الإسلامُ (حَضانةُ الأمِّ الكافِرةِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ في الحاضِنِ، هل يُشترطُ أنْ يَكونَ مُسلِمًا؟ أم يَجوزُ إذا كانَتِ الأمُّ كافِرةً أنْ تَكونَ حاضِنةً للصَّغيرِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ في قَولٍ إلى أنَّ الأمَّ إذا كانَتْ كافِرةً تَحتَ مُسلمٍ بأنْ كانَتْ ذِميةً وطلقَتْ أو مَجوسيةً يُسلِمُ زَوجُها وتَأبى هي مِنْ الإسلامِ فيُفرَّقُ بينَهُما فإنَّ لها مِنْ الحَضانةِ ما للمُسلمةِ إنْ كانَتْ في حِرزٍ وتُؤمَنُ أنْ تُغذِّيَهم بخَمرٍ أو خِنزيرٍ، وإنْ خِيفَ أنْ تَفعلَ معَهُم ذلكَ ضُمَّتْ إلى ناسٍ مِنْ المُسلمينَ، ولا يَنتزعونَ منها إلى أنْ تَبلغَ الجارِيةُ وتَكونُ عندَها في غيرِ حِرزٍ كما يَقولُ المالِكيةُ.

وقالَ الحَنفيةُ: الأمُّ أحَقُّ بوَلدِها مِنْ زَوجِها المُسلمِ ما لم يَعقلْ الأديانَ ويُخافُ عليهِ أنْ يَألفَ الكُفرَ، سَواءٌ كانَ الوَلدُ ذَكرًا أو أُنثى؛ لأنه متَى عَقلَ الأديانَ عوَّدَتْه أخلاقَ الكُفرِ، وفي ذلكَ ضَررٌ عليهِ.

واستَدلُّوا على ذلكَ بحَديثِ رَافعِ بنِ سِنانٍ «أنهُ أسلَمَ وأبَتِ امرأتُه أنْ تُسلِمَ، فأتَتِ النبيَّ فقالَتْ: ابنَتِي وهيَ فَطيمٌ، أو شبَهُه، وقالَ


(١) «الحاوي الكبير» (١١/ ٥٠٣، ٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>