والحاضِرونَ هم القاطِنونَ غيرُ الخارجينَ؛ فصحَّ أنَّ مَنْ كان أهلُه حاضري المَسجدِ الحَرامِ هُمْ مَنْ كانَ أهلُه قاطِنينَ الحَرمَ. وعن إبراهيمَ بنِ يَزيدَ التَّيميِّ أنَّ أباه قال له: «سمِعتُ أبا ذرٍّ يَقولُ: سألتُ رَسولَ اللهِ ﷺ عن أولِ مَسجدٍ وُضِعَ في الأرضِ فقال: المَسجدُ الحَرامُ». فصحَّ أنَّه الحَرمُ كلُّه بيَقينٍ لا شكَّ فيه؛ لأنَّ الكَعبةَ لم تُبنَ في ذلك الوَقتِ، وإنَّما بَناها إبراهيمُ، وإسماعيلُ ﵉، قال ﷿: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ﴾ [البقرة: ١٢٧]، ولم يُبنَ المَسجدُ حولَ الكَعبةِ إلا بعدَ ذلك بدَهرٍ طَويلٍ. ولا خِلافَ بينَ أحدٍ من الأمةِ في أنَّه لو زيدَ في المَسجدِ أبدًا حتى يَعمَّ به جَميعَ الحَرمِ يُسمَّى مَسجدًا حَرامًا، وأنَّه لو زيدَ فيه من الحِلِّ لم يُسمَّ ما زيدَ فيه مَسجدًا حَرامًا، فارتفَع كلُّ إشكالٍ ولله الحَمدُ كَثيرًا. (١) «الإجماع» (١٨٢)، قال ابنُ المُنذِرِ ﵀: وأجمَعوا على أنَّ من أهلَّ بعُمرةٍ في أشهُرِ الحَجِّ من أهلِ الآفاقِ وقدِم مكةَ ففرَغ منها فأقامَ بها فحَجَّ من عامِه أنَّه مُتمتِّعٌ وعليه الهَديُ إذا وُجد وإلا فالصِّيامُ.