للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما المَقصودُ بالتَّلَقِّي:

قالَ الحَنفيَّةُ: ولِلمُتَلَقِّي صُورتانِ:

إحداهما: أنَّ الرَّجُلَ مِنْ أهلِ المِصْرِ؛ إذا سَمِعَ بمَجيءِ قافِلةٍ معها طَعامٌ، وأهلُ المِصْرِ في قَحطٍ وغَلاءٍ، يَخرُجُ يَتلَقَّاهم ويَشتَرِي مِنهم جَميعَ طَعامِهم، ويَدخُلُ به المِصْرَ، ويَبيعُه على ما يُريدُ مِنْ الثَّمنِ، ولو ترَكهم حتى يَدخُلوا باعوا على أهلِ المِصْرِ مُتفرِّقًا، تَوسَّعَ أهلُ المِصْرِ بذلك، وأمَّا إذا كانَ أهلُ المِصْرِ لا يَتضرَّرونَ بذلك فإنَّه لا يُكرَهُ.

وثانيها: أنْ يَتلَقَّاهم رَجُلٌ مِنْ أهلِ المِصْرِ فيَشتَريَ مِنهم بأرخَصَ مِنْ سِعرِ المِصْرِ وهم لا يَعلَمونَ بسِعرِ أهلِ المِصْرِ، فالشِّراءُ جائِزٌ في الحُكمِ، ولكنَّه مَكروهٌ تَحريمًا؛ لأنَّه غَرَّهم، سَواءٌ أتَضرَّرَ به أهلُ المِصْرِ، أم لا.

ومَحمَلُ النَّهيِ إذا كانَ يَضُرُّ بأهلِ البَلَدِ، أو لَبَّسَ السِّعرَ على الوارِدِينِ؛ لِمَا فيه مِنْ الغَرَرِ والضَّرَرِ، أمَّا إذا انتَفَيا فلا بَأْسَ به (١).

وقالَ المالِكيَّةُ: التَّلَقِّي تارةً يَكونُ لِلسِّلعةِ الوارِدةِ لِبَلَدٍ مع صاحِبِها قبلَ وُصولِ سُوقِها، أو البَلَدِ، إنْ لَم يَكُنْ لَها سُوقٌ، وتارةً يَكونُ لِصاحِبِها، كما


= الدسوقي» (٤/ ١١٣)، و «التاج والإكليل» (٣/ ٣٩٧، ٣٩٨)، و «الحاوي الكبير» (٥/ ٣٤٨، ٣٤٩)، و «المهذب» (١/ ٢٩٢)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٧٥، ٧٦)، و «طرح التثريب» (٦/ ٥٩، ٦٠)، و «المغني» (٤/ ١٥٢)، و «الإفصاح» (١/ ٣٩٨)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٩٠)، و «الإنصاف» (٤/ ٣٩٤)، و «فتح الباري» (٤/ ٣٧٤).
(١) «بدائع الصنائع» (٥/ ١٢٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٩٥)، و «اللباب» (١/ ٣٨٧)، و «العناية» (١٤/ ٢٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>