للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَيعَ الثَّمرِ قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه:

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه لا يَجوزُ بَيعُ شَيءٍ مِنْ الثِّمارِ مُفرَدًا قبلَ بُدُوِّ صَلاحِه، ولا الزَّرعِ الأخضَرِ، إلَّا بشَرطِ القَطعِ؛ فإنْ شُرِطَ القَطعُ صَحَّ بالِاتِّفاقِ؛ فإنْ لَم يُشترَطِ القَطعُ وشُرِطَتِ التَّبقيةُ إلى وَقتِ الحَصادِ فالبَيعُ فاسِدٌ لا يَصحُّ بالإجماعِ؛ لقولِه : «لا تَبتاعوا الثِّمارَ حتى يَبدُوَ صَلاحُها»، نهَى البائِعَ والمُبتاعَ (١).

وعَن أنَسِ بنِ مالِكٍ أنَّ رَسولَ اللَّهِ نهَى عن بَيعِ الثِّمارِ حتى تُزهيَ، فقيلَ لَهُ: وما تُزهي؟ قالَ: حتى تَحمَرَّ. فقالَ رَسولُ اللَّهِ : «أرَأيتَ إذا منَع اللَّهُ الثَّمرةَ، بِمَ يَأخُذُ أحَدُكم مالَ أخيهِ» (٢).

وعَن نافِعٍ عن ابنِ عمرَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ نهَى عن بَيعِ النَّخلِ حتى يَزهُوَ، وعنِ السُّنبُلِ حتى يَبيَضَّ ويَأمَنَ العاهةَ، نهَى البائِعَ والمُشتَريَ (٣). ولأنَّه رُبَّما تَلِفتِ الثَّمرةُ قبلَ إدراكِها؛ فيَكونُ البائِعُ قد أكَلَ مالَ أخيه بالباطِلِ، ولأنَّه شَرطٌ لا يَقتَضيه العَقدُ، وهو شَغلُ مِلكِ الغيرِ، أو هو صَفقةٌ في صَفقةٍ، وهو إعارةٌ أو إجارةٌ في بَيعٍ، وكذا بَيعُ الزَّرعِ بشَرطِ التَّركِ.

أمَّا إذا شُرِطَ القَطعُ فقد انتَفَى هذا الضَّرَرُ؛ لأنَّ المَنعَ إنَّما كانَ خَوفًا مِنْ تَلَفِ الثَّمرةِ وحُدوثِ العاهةِ عليها قبلَ أخْذِها، وهذا مَأمونٌ فيما يُقطَعُ، فصَحَّ بَيعُه كما لو بَدا صَلاحُه، وأمَّا إذا بِيعَتِ الثَّمرةُ بعدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ فيَجوزُ


(١) رواه البخاري (٢٠٨٢)، ومسلم (١٥٣٨).
(٢) رواه البخاري (٢٠٨٦).
(٣) رواه مسلم (٣٩٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>