للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيَّةُ: إذا فَسَدَتِ المُزارَعةُ تَرتَّبَ عليها الأحكامُ الآتيةُ:

١ - لا يَجِبُ على المُزارَعِ شَيءٌ مِنْ أعمالِ المُزارَعةِ؛ لأنَّ وُجوبَه بالعَقدِ، ولم يَصحَّ (١).

٢ - الخارِجُ كلُّه لِصاحِبِ البَذْرِ:

قالَ الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ: المُزارَعةُ إذا فَسَدَتْ فإنَّ الخارِجَ يَكونُ كلُّه لِصاحِبِ البَذْرِ، سَواءٌ كانَ ربَّ الأرضِ أو المُزارَعَ؛ لأنَّ استِحقاقَ صاحِبِ البَذْرِ الخارِجِ لِكَونِه نَماءَ مِلْكِه، لا بالشَّرطِ لِوُقوعِ الِاستِغناءِ بالمِلْكِ عن الشَّرطِ واستِحقاقِ الأجْرِ الخارِجِ بالشَّرطِ، وهو العَقدُ، فإذا لَم يَصحَّ الشَّرطُ استَحقَّه صاحِبُ المِلْكِ، ولا يَلزَمُه التَّصَدُّق بشَيءٍ؛ لأنَّه نَماءُ مِلْكِه.

فَإنْ كانَ البَذْرُ مِنْ قِبَلِ ربِّ الأرضِ فعليه لِلعاملِ أُجرةُ مِثْلِه؛ لأنَّ ربَّ الأرضِ استَوفَى مَنفعَتَه بعَقدٍ فاسِدٍ، ولأنَّه بذلَ مَنافِعَه بعِوَضٍ لَم يُسَلَّمْ لَه، فرَجعَ إلى بَدَلِه، وهو أُجرةُ المِثْلِ.

لَكِنْ لا يُزادُ على مِقدارِ ما شُرِطَ له مِنْ الخارِجِ عندَ أبي حَنيفَةَ، وأبي يُوسفَ؛ لِرِضائِه بسُقوطِ الزِّيادةِ.

وقالَ الحَنابِلةُ ومُحمَّدٌ : له أُجرةُ مِثْلِه بالِغًا ما بَلَغَ؛ لأنَّه استَوفَى مَنافِعَه بعَقدٍ فاسِدٍ؛ فيَجِبُ عليه قِيمَتُها؛ إذْ لا مثلَ لَها.

وَهَذا إذا كانَتْ حِصَّةُ كلِّ واحِدٍ مِنهما سَواءً في العَقدِ؛ فإنْ لَم يكُنْ فيَجِبُ أجْرُ المِثْلِ تامًّا بالإجماعِ.


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٨٢)، و «الهندية» (٥/ ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>