للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا وُجدَت وَصيتُه بخَطِّه ولم يُشهِدْ عليها:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن وُجدَت وَصيتُه بخَطِّه وعُرفَ أنَّه خَطُّه، هل تُقبلُ وَصيتُه بهذا أو لا بُدَّ من الإِشهادِ؟

فذهَبَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ ومُحمدُ بنُ نَصرٍ المَروزيُّ إلى أنَّ مَنْ وُجدَت وَصيتُه بخَطِّه صَحَّت، نقَلَ إِسحاقُ بنُ إِبراهيمَ عن أَحمدَ أنَّه قالَ: «مَنْ ماتَ فوُجدَت وَصيتُه مَكتوبةً عندَ رَأسِه ولم يُشهِدْ عليها وعُرفَ خَطُّه وكانَ مَشهورَ الخَطِّ يُقبلُ ما فيها».

ووَجهُ ذلك قَولُ النَّبيِّ : «ما حَقُّ امرِئٍ مُسلمٍ له شَيءٌ يُوصي فيه يَبيتُ ليلَتَينِ إلا ووَصيتُه عندَه مَكتوبةٌ» (١)، ولم يَذكُرْ أمرًا زائِدًا على الكِتابةِ، فدَلَّ على الاكتِفاءِ بها، ولأنَّه لو لم يَجُزْ الاعتِمادُ على الخَطِّ لم تَكُنْ لكِتابةِ وَصيتِه فائِدةٌ.

ولأنَّ الوَصيةَ يُتسامَحُ فيها ويَصحُّ تَعليقُها على الخَطرِ والغَررِ وتَصحُّ للحَملِ، وبالحَملِ وبما لا يُقدَرُ على تَسليمِه فجازَ أنْ يُتسامَحَ فيها بقَبولِ الخَطِّ كرِوايةِ الحَديثِ وكما لو كتَبَ الطَّلاقَ ولم يَتلفَّظْ به (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٧٣٨)، ومسلم (١٦٢٧).
(٢) «المغني» (٦/ ٩٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٤٢١، ٤٢٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٣٦)، و «الطرق الحكمية ص (٣٠١)، و «المبدع» (٦/ ٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٠٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٤٥)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>