للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجازَفةً بالمَنعِ، وهو خِلافُ قَولِ القاضي وأصحابِه، ويَدلُّ بمَفهومِه على أنَّ ما عَدَا الطَّعامَ يُخالِفُه في ذلك.

ووَجْهُ قَولِ الخِرَقيِّ أنَّ الطَّعامَ المَنهيَّ عن بَيعِه قبلَ قَبضِه لا يَكادُ يَخلو مِنْ كَونِه مَكيلًا أو مَوزونًا أو مَعدودًا؛ فتَعلُّقُ الحُكمِ بذلك كتَعلُّقِ رِبا الفَضلِ به، ويُحتمَلُ أنَّه أرادَ المَكيلَ والمَوزونَ والمَعدودَ مِنْ الطَّعامِ الذي ورَد النَّصُّ بمَنعِ بَيعِه، وهذا أظهَرُ دَليلًا وأحسَنُ (١).

ثم اختلَف الفُقهاءُ فيما إذا تلِف المَبيعُ قبلَ قَبضِه، هل يَكونُ مِنْ ضَمانِ البائِعِ أم المُشتَرِي؟

تَلَفُ المَبيعِ إمَّا أنْ يَكونَ كُلِّيًّا أو جُزئيًّا، قبلَ القَبضِ أو بعدَه، ولِكُلِّ قِسمٍ أحكامٌ.

والتَّلَفُ قد يَكونُ بآفةٍ سَماويَّةٍ، وقد يَكونُ بفِعلِ المُشتَرِي، أو البائِعِ، أو بفِعلِ أجنَبيٍّ.

تَلَفُ كلِّ المَبيعِ قبلَ القَبضِ:

إذا تلِف المَبيعُ كُلُّه قبلَ القَبضِ بآفةٍ سَماويَّةٍ -أو بفِعلِ المَبيعِ، بأنْ كانَ حَيَوانًا فقَتَلَ نَفْسَه كما يَقولُ الحَنفيَّةُ- انفسخَ البَيعُ عندَ الجُمهورِ، الحَنفيَّةِ والمالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ وهو رِوايةٌ عن أحمدَ، وسقَط الثَّمنُ عنِ المُشتَرِي، ولو


(١) «المغني» (٤/ ٨٧، ٩١)، و «الكافي» (٢/ ٢٧)، و «المبدع» (٤/ ١١٨)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ١٤٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٢٣٠، ٢٣٧)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٨٠، ٢٨٥)، ويُنظر: و «شرح مسلم» (١٠/ ١٦٩، ١٧٠)، و «طرح التثريب» (٦/ ٩٧، ١٠٠)، وباقي المصادر السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>