للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّمسِ، فَانتظَرَ حتى غَابَتِ الشَّمسُ ثم صلَّى» (١).

وذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابلَةُ إلى جَوازِ قَضاءِ الفَرائِضِ الفائِتةِ في جَميعِ أوقاتِ النَّهيِ وغيرِها؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ نَامَ عن صَلاةٍ أو نَسيَهَا، فَليُصلِّهَا إذَا ذكرَهَا» (٢)، وفي حَديثِ أبي قَتادةَ: «إنَّما التَّفرِيطُ في اليَقظَةِ على مَنْ لَم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجِيءَ وقتُ الأُخرَى، فَمَنْ فعلَ ذلك فَليُصلِّهَا حينَ يَنتَبِهُ لَهَا» (٣)، وخَبَرُ النَّهيِ مَخصوصٌ بالقَضاءِ في الوقتَينِ الآخرَينِ، وبعَصرِ يَومِه، فنَقيسُ محَل النِّزاعِ على المَخصوصِ، وحَديثُ أبي قَتادةَ يدلُّ على جَوازِ التَّأخيرِ، لا على تَحريمِ الفِعلِ (٤).

إذا طلَعتِ الشَّمسُ وهو في صَلاةِ الصُّبحِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُصلِّي تَطلُعُ عليه الشَّمسُ وهو في صَلاةِ الصُّبحِ.

فذَهب الحَنفيَّةُ إلى أنَّ المُصلِّي لو طَلَعت عليه الشَّمسُ وهو في صَلاةِ الصُّبحِ بطَلت صَلاتُه؛ لأنَّها صارَت في وقتِ النَّهيِ، بخِلافِ العَصرِ إذا غَربتِ الشَّمسُ وهو يُصلِّي العَصرَ فلا تبطُلُ صَلاتُه.

والفَرقُ بينَهما أنَّ السَّببَ في العَصرِ آخرُ الوقتِ، وهو وقتُ التَّغَيُّرِ، وهو ناقِصٌ، فإذا أدَّاها فيه أدَّاها كما وَجَبت، ووقتُ الفَجرِ كلُّه كامِلٌ، فوَجَبت


(١) رواه ابن أبي شيبة (٢/ ٦٦)، وعبد الرازق في «مصنَّفه» (٢٢٥٠) بإسناد صحيح.
(٢) رواه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٣١٤).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه مسلم، تَقَدَّمَ.
(٤) «معاني الآثار» (٢/ ٢٩٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٤٩)، و «كفاية الأخيار» (١٧٦)، و «المغني» (٢/ ٣٠٠)، و «الإفصاح» (١/ ٢٠٠، ٢٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>