للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُبوتُ الزِّنا:

يَثبتُ حَدُّ الزنا بأحَدِ أمورٍ ثَلاثةٍ: اثنانِ مِنها مُتفَّقٌ عليهِما، وهُمَا الإقرارُ والشَّهادةُ، وواحِدٌ مُختَلفٌ فيهِ، وهو القَرائنُ كالحَمْلِ.

أولاً: الإقرارُ بالزِّنا:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ الإنسانَ إذا أقَرَّ على نفسِه بالزنا وجَبَ عليهِ الحَدُّ؛ لأنَّ النبيَّ «أقامَ الحَدَّ على ماعِزٍ والغامِديةِ بإقرارِهِما».

قالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأمَّا الاعتِرافُ فهو الإقرارُ مِنْ البالغِ العاقِلِ بالزِّنى صُراحًا لا كِنايةً، فإذا ثبَتَ على إقرارِه ولم يَنزِعْ عنهُ وكانَ مُحصَنًا وجَبَ عليهِ الرَّجمُ، وإنْ كانَ بكرًا جُلدَ مائةً، وهذا كلُّه لا خِلافَ فيه بينَ العُلماءِ (١).

إلَّا أنهُم اختَلفُوا هل يَلزمُ الحدُّ بالإقرارِ بمَرةٍ واحدةٍ؟ أم لا بُدَّ مِنْ أربَعِ مرَّاتٍ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ إلى الاكتِفاءِ بالإقرارِ مرَّةً واحِدةً لوُجوبِ حَدِّ الزنا؛ لِمَا رواهُ الشَّيخانِ عن أبي هُريرةَ وزَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيِّ قالَا: جاءَ أعرابِيٌّ فقالَ: يا رسولَ اللهِ اقضِ بيْنَنا بكِتابِ اللهِ، فقامَ خَصمُه فقالَ: صدَقَ، اقْضِ بيْنَنا بكتابِ اللهِ، فقالَ الأعرابيُّ: إنَّ ابنِي كانَ عَسيفًا على هذا فزَنَى بامرَأتِه، فقَالُوا لي: على ابنِكَ الرَّجمُ، ففَديْتُ ابنِي منه بمِائةٍ مِنْ


(١) «الاستذكار» (٧/ ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>