وإنْ قُلْنا:«هو فاسِدٌ» استَحقَّ أجْرَ المِثْلِ، سَواءٌ حَمَلَ أو لَم يَحمِلْ؛ لأنَّه لَم يَرضَ بغَيرِ عِوَضٍ، ولَم يُسَلَّمْ له العِوَضُ، فكانَ له العِوَضُ وَجهًا واحِدًا، بخِلافِ ما لَو جُعِلَ الأجَلُ إلى مدَّةٍ لا يَحمِلُ في مِثلِها في الأغلَبِ.
ومتى خَرجَتِ الثَّمرةُ قبلَ انقِضاءِ الأجَلِ فلَه حَقُّه مِنها، إذا قُلْنا بصِحَّةِ العَقدِ، وإنْ خَرجَتْ بَعدَه فلا حَقَّ له فيها، ومَذهَبُ الشافِعيِّ في هذا قَريبٌ ممَّا ذَكَرْنا (١).
متى يَملِكُ العامِلُ حِصَّتَه مِنْ الثَّمرةِ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في العامِلِ المُساقي، هَلْ يَملِكُ حِصَّتَه مِنْ الثَّمرةِ بظُهورِها؟ أم بقِسمَتِها؟
فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ العامِلَ يَملِكُ حِصَّتَه مِنْ الثَّمرةِ بالظُّهورِ، فلَو أُتلِفَتْ كلُّها إلَّا واحِدةً كانَت بَينَهما؛ لأنَّ نَصيبَ العامِلِ في المُساقاةِ لَم يُجعَلْ وِقايةً لِرَأْسِ المالِ، بخِلافِ القِراضِ، فإنَّ الرِّبحَ كلَّه وِقايةٌ لِرَأْسِ المالِ؛ فلِذلك لَم يَملِكِ العامِلُ شَيئًا منه قبلَ القِسمةِ على أحَدِ القوليْنِ، كَما سَبَقَ في القِراضِ، ولأنَّ الشَّرطَ صَحيحٌ، فيثبُتُ مُقتَضاه كَسائِرِ الشُّروطِ الصَّحيحةِ، ومُقتَضاه كَونُ الثَّمرةِ بَينَهما على كلِّ حالٍ؛ لأنَّه لَو لَم يَملِكْها قبلَ القِسمةِ لَما وجبَتِ القِسمةُ، ولا ملكَها، كالأُصولِ.
(١) «المغني» (٥/ ٢٣٤، ٢٣٥)، و «الكافي» (٢/ ٢٩٠)، و «المبدع» (٥/ ٤٩)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٧٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٦٤١)، و «الروض المربع» (٢/ ٨٤)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٠٤، ٢٠٥).