للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَم يُصلَّ عليه، زادَ أبو المَعالي: ولا دَمٌ مِنْ أنفِه أو دُبُرِه أو ذكَرِه لأنَّه مُعتادٌ.

وأمَّا مَنْ حُملَ بعدَ جُرحِه فأكَلَ وفعَلَ نَحوَ ذلك فإنَّه يُغسَّلُ لتَغسيلِه سَعدَ بنَ مُعاذٍ، ولأنَّ ذلك لا يَكونُ إلا مِنْ ذي حياةٍ مُستقِرَّةٍ، والأصلُ وُجوبُ الغُسلِ والصَّلاةِ.

ومَعنى قَولِه: حَتفَ أنفِه: أي بغيرِ سَببٍ يُفضِي إلى المَوتِ مِنْ جُرحٍ أو ضَربٍ أو غيرِه (١).

فبهذا يَتبيَّنُ -واللهُ أعلَمُ- أنَّ المُجاهدَ إذا ماتَ بعدَ خُروجِه لِلجِهادِ وقبلَ المَعركةِ ليسَ شَهيدَ مَعركةٍ فيُغسَّلُ ويُصلَّى عليه، وهو شَهيدٌ في الآخِرةِ إنْ صَلُحتْ نِيتُه وكانَت لِإعلاءِ كَلمةِ اللهِ .

تَغسيلُ مَنْ قُتِل ظُلمًا:

أمَّا مَنْ قُتلَ ظُلمًا -كمَن قتَلَه اللُّصوصُ- أو غيرُ أهلِ الشِّركِ، أو قُتلَ دونَ مالِه أو دونَ نَفْسِه وأهلِه، فذهَبَ الحَنفيةُ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يُغسَّلُ؛ لأنَّه قُتلَ شَهيدًا، أشبَهَ شَهيدَ المَعركةِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ قُتلَ دونَ مَالِه فَهو شَهِيدٌ» (٢).

قال الإمامُ الكاسانِيُّ : ولو نزَلَ عليه اللُّصوصُ لَيلًا في المِصرِ فقُتلَ بسِلاحٍ أو غيرِه، أو قتَلَه قُطَّاعُ الطَّريقِ في خارجِ المِصرِ بسِلاحٍ أو غيرِه؛ فهو شَهيدٌ؛ لأنَّ القَتيلَ لَم يَخلُفْ في هذه المَواضعِ بدَلًا هو مَالٌ.


(١) «كشاف القناع» (٢/ ١٠٠).
(٢) أخرجه البخاري (٣/ ١٧٩)، ومسلم (١/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>