للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنْ نقَلَها إلى دُونِه عندَ الخَوفِ عليها نظَرْنا، فإنْ أمكَنَه إِحرازُها بمِثلِه أو أَعلى منه ضمِنَها أَيضًا لتَفريطِه، وإنْ لمْ يُمكنْه إِحرازُها إلا بما دُونَه لمْ يَضمنْها؛ لأنَّ إِحرازَها بذلك أَحفظُ لها مِنْ تَركِه وليسَ في وُسعِه سِواه (١).

الحالَةُ الثانِيةُ: أنْ يَنقلَها إلى حِرزِ مِثلِ الذي عيَّنَه المالِكُ:

ذهَبَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ إلى أنَّ المالِكَ إذا عيَّنَ مَكانًا لحِفظِ الوَديعةِ فنقَلَها المُودَعُ إلى حِرزِ مِثلِ الحِرزِ الذي عيَّنَه المالِكُ فتلِفَت بعدَ ذلك أو سُرقَت أنَّه لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ تَعيينَ الحِرزِ يَقتضي الإِذنَ في مِثلِه، ولو كانَ النَّقلُ لغيرِ حاجةٍ أو ضَرورةٍ عندَ الجُمهورِ؛ لأنَّ تَعيينَ الحِرزِ إِذنٌ فيما هو مِثلُه، كمَن اكتَرى لزَرعِ حِنطةٍ فله زَرعُها وزَرعُ مِثلِها في الضَّررِ، فما فوقَه مِنْ بابِ أَولى.

قالَ ابنُ قُدامةَ: ويَحتملُ كَلامُ الخِرقيِّ لُزومَ الضَّمانِ؛ لأنَّ الأَمرَ بشيءٍ يَقتضي تَعيينَه، فلا يَعدلُ عنه إلا بدَليلٍ، وإنْ نقَلَها إلى أَحرزَ منه كانَ حُكمُه حُكمَ ما لو أخرَجَها إلى مِثلِه (٢).

الحالَةُ الثالِثةُ: أنْ يَنقلَها إلى حِرزٍ فوقَ الحِرزِ الذي عيَّنَه المالِكُ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المالِكَ إذا عيَّنَ للمُودَعِ مَكانًا لحِفظِ الوَديعةِ ولمْ يَنهَه عن غيرُه فنقَلَها المُودَعُ إلى مَكانٍ أَحرزَ مِنْ الذي عيَّنَه المالِكُ ثُم تلِفَت


(١) «المغني» (٦/ ٣٠٣).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>