المُصلَّى»، ولأنَّ النَّاسَ يَكثُرونَ في صَلاةِ العِيدِ، فإذا كانَ المَسجدُ ضَيِّقًا تَأذَّى النَّاسُ، وإن كانَ المَسجدُ واسِعًا فالمَسجدُ أفضَلُ مِنْ المُصلَّى؛ لأنَّ الأئِمةَ لم يَزالوا يُصلُّونَ صَلاةَ العِيدِ بمَكةَ في المَسجدِ، ولأنَّ المَسجدَ أشرَفُ وأنظَفُ، ونقَلَ الشِّيرازِيُّ عن الشافِعيِّ ﵀ قالَ: فإن كانَ المَسجدُ واسِعًا فصلَّى في الصَّحراءِ فلا بَأسَ، وإن كانَ ضَيِّقًا فصلَّى فيه ولم يَخرُجْ إلى الصَّحراءِ كُرِهت؛ لأنَّه إذا ترَكَ المَسجدَ وصلَّى في الصَّحراءِ لم يَكنْ عليهم ضَررٌ، وإذا ترَكَ الصَّحراءَ وصلَّى في المَسجدِ الضَّيِّقِ تَأذَّوا بالزِّحامِ، وربَّما فاتَ بَعضَهم الصَّلاةُ (١).
التَّنفُّلُ قبلَ صَلاةِ العِيدِ وبعدَها لمَن حضَرَها في المُصلَّى أو في المَسجدِ:
قالَ ابنُ هُبيرةَ ﵀: واختَلَفوا في جَوازِ التَّنفُّلِ قبلَ صَلاةِ العِيدِ وبعدَها، لمَن حَضرَها في المُصلَّى، أو في المَسجدِ.
فقالَ أبو حَنيفةَ: لا يَتنفَّلُ قبلَها، ويَتنفَّلُ إن شاءَ بعدَها، وأطلَقَ ولم يُفرِّق بينَ المُصلِّي وغيرِه، ولا بينَ أن يَكونَ هو الإمامَ أو يَكونَ مَأمومًا.
وقالَ مالِكٌ: إن كانَت الصَّلاةُ في المُصلَّى فإنَّه لا يَتنفَّلُ قبلَها، ولا بعدَها، سَواءٌ كانَ إمامًا أو مَأمومًا، وإن كانَ في المَسجدِ فعنه رِوايتانِ:
إحداهُما: المَنعُ مِنْ ذلك، كما في المُصلَّى.
(١) «المهذب» (١/ ١١٨)، و «الأمُّ» (٧/ ١٦٧)، و «الحاوي الكبير» (٢/ ٤٨٦، ٤٩٧)، و «الرَّوضة» (٢/ ٧٥)، و «معاني الآثار» (٢/ ٢٤٩)، و «فتح القدير» (٢/ ٧٢)، و «مواهب الجليل» (٢/ ١٩٦)، و «الإشراف» (١/ ١٤٢)، و «المغني» (٣/ ١٠٤، ١٠٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٥٣)، و «المبدع» (٢/ ١٩٠)، و «الإفصاح» (١/ ٢٦١).