للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجزِئْه، وقَد روى إسحاقُ قالَ: قلتُ لأحمَدَ فيمَن قالَ لزَوجتِه: «أنتِ عليَّ كظَهرِ أمِّي إنْ قَربتُكِ إلى سَنةٍ» قالَ: إنْ جاءَتْ تَطلبُ فليسَ لهُ أنْ يَعضُلَها بعدَ مُضيِّ الأربعةِ الأشهُرِ، يُقالُ لهُ: إمَّا أنْ تَفيءَ وإمَّا أنْ تُطلِّقَ، فإنْ وَطئَها فقدْ وجَبَ عليهِ كفَّارةٌ، وإنْ أبَى وأرادَتْ مُفارَقتَه طلَّقَها الحاكِمُ عليهِ، فيَنبغي أنْ تُحمَلَ الرِّوايةُ الأُولى على المَنعِ مِنْ الوَطءِ بعدَ الوطءِ الذي صارَ بهِ مُظاهِرًا؛ لِمَا ذكَرْناه، فتكونُ الرِّوايتانِ متَّفقتَينِ، واللهُ تعالى أعلَمُ (١).

عِدةُ المولى مِنها:

قالَ الإمامُ ابنُ رشدٍ : المَسألةُ الثَّامنةُ: وأمَّا هلْ تَلزمُ الزوجةَ المُولى مِنها عدَّةٌ أو ليسَ تَلزمُها؟

فإنَّ الجُمهورَ على أنَّ العدَّةَ تَلزمُها، وقالَ جابِرُ بنُ زَيدٍ: لا تلزَمُها عدَّةٌ إذا كانَتْ قد حاضَتْ في مدَّةِ الأربعةِ الأشهُرِ ثَلاثَ حِيَضٍ، وقالَ بقَولِه طائِفةٌ، وهو مَرويٌّ عنِ ابنِ عبَّاسٍ، وحُجَّتُه أنَّ العدَّةَ إنَّما وُضعَتْ لبَراءةِ الرَّحمِ، وهذهِ قد حَصلَتْ لها البَراءةُ.

وحُجَّةُ الجُمهورِ أنها مُطلَّقةٌ، فوجَبَ أنْ تعتَدَّ كسائرِ المُطلَّقاتِ.

وسبَبُ الخِلافِ أنَّ العدَّةَ جمَعَتْ عِبادةً ومَصلحةً، فمَن لَحظَ جانِبَ المَصلحةِ لم يَرَ عليها عدَّةً، ومَن لَحظَ جانِبَ العِبادةِ أوجَبَ عليها العدَّةَ (٢).


(١) «المغني» (٧/ ٤٣٣، ٤٣٤)، و «الكافي» (٣/ ٢٤٩).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>