للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّصرفُ في المُوصَى به قبلَ القَبولِ:

ذهَبَ عامَّةُ العُلماءِ إلى أنَّ المُوصَى له لا يَجوزُ له التَّصرفُ في العَينِ المُوصَى بها ببَيعٍ أو إِجارةٍ أو رَهنٍ أو غيرِها قبلَ القَبولِ لعَدمِ مِلكِه لها.

أمَّا بعدَ ثُبوتِ المِلكِ بالقَبولِ فيَجوزُ تَصرُّفُه فيه ولو كانَ قبلَ القَبضِ ولو كانَ مَكيلًا ونَحوَه كما نَصَّ على ذلك الحَنابِلةُ؛ لأنَّ المِلكَ استقَرَّ فيه بالقَبولِ فلا يُخشَى انفِساخُه، ولا رُجوعَ ببَدلِه على أحدٍ كالوَديعةِ، بخِلافِ المَبيعِ؛ لأنَّه يُخشَى انفِساخُ البَيعِ فيه (١).

تَعليقُ الوَصيةِ على شَرطٍ وإِضافتُها إلى وَقتٍ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على جَوازِ تَعليقِ الوَصيةِ على شَرطٍ في حَياةِ المُوصي أو بعدَ مَوتِه إذا لم يَكنْ شَرطًا يُنافي مُقتَضى عَقدِ الوَصيةِ، وعلى جَوازِ إِضافتِها إلى وَقتٍ.

قالَ الحَنفيةُ: الإِيصاءُ -وهو إِقامةُ الشَّخصِ مَقامَ نَفسِه في التَّصرفِ بعدَ المَوتِ-، والوَصيةُ -وهي تَمليكُ المالِ بعدَ المَوتِ-، لا يَكونانِ إلا مُضافَينِ؛ إذِ الإِيصاءُ في الحالِ لا يُتصوَّرُ إلا إذا جُعلَ مَجازًا عن الوَكالةِ.

ولو قالَ لمَدينِه: «إذا مِتُّ فأنتَ بَريءٌ من دَيني الذي عليك»، صَحَّت وَصيتُه؛ لأنَّ تَعليقَ الوَصيةِ بالشَّرطِ جائِزٌ.


(١) «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٥١)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤١٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>