للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُنادِيَ إذا كانَ عَدْلًا وشُهِدَ عليه بذلك، حلَف مَنْ رَدَّ العَبدَ مَعه إذا صدَّقه، واستُحِقَّ على مالِكِ العَبدِ الدِّينارُ، وإنْ لَم يَكُنْ عَدْلًا، أو لَم يُشهِدْ عليه، لَم يَلزَمِ المُنادِيَ شَيءٌ؛ لأنَّه يَقولُ: أنا صادِقٌ، ومالِكُ العَبدِ كاذِبٌ، فلا يَلزَمُني الغُرْمُ بكَذِبِه، ولأنَّه لا يَلتزِمُ ضَمانَه، فلا يَلزَمُه بالحِكايةِ (١).

المَسألةُ السَّادِسةَ عَشْرةَ: تَأْقِيتُ الجَعالةِ بمُدَّةٍ مُحَدَّدةٍ، والجَمعُ بينَ تَقديرِ المُدَّةِ وبينَ العَملِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الجَعالةِ هَلْ يَصحُّ اشتِراطُ التَّأقيتِ فيها بمُدَّةٍ مُحَدَّدةٍ أو لا؟

فَذهَب الحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ تَوقيتُ الجَعالةِ بمُدَّةٍ، كَأنْ قالَ: إنْ وَجَدتَها في شَهرٍ، أو مَنْ رَدَّ عَبدي مِنْ البَصرةِ في هذا الشَّهرِ فله كذا، ويَصحُّ الجَمعُ بينَ تَقديرِ المُدَّةِ وبينَ العَملِ، كَأنْ قالَ: مَنْ خاطَ قَميصي في هذا اليَومِ فله دِرهَمٌ، أو مَنْ بَنَى لي هذا الحائِطَ في هذا اليَومِ فله دِينارٌ، ونحوَ ذلك، صَحَّ؛ نَظَرًا لِإطلاقِ كَلامِه، لِاحتِمالِ الغَرَرِ فيها، بخِلافِ الإجارةِ، على الصَّحيحِ؛ لأنَّ المُدَّةَ إذا جازَتْ مَجهولةً فمَع التَّقديرِ أَوْلَى، فإنْ أتَى به في المُدَّةِ استَحقَّ الجُعْلَ، ولَم يَلزَمْه شَيءٌ آخَرُ، وإنْ لَم يَفِ به فيها فلا يَلزَمُه شَيءٌ له. وإذا أتَمَّ العَملَ قبلَ انقِضاءِ المُدَّةِ لَم يَلزَمْه العَملُ في بَقِيَّتِها؛ لأنَّه وَفَّى ما عليه قبلَ مُدَّتِه، فلَمْ يَلزَمْه شَيءٌ آخَرُ، كَقَضاءِ الدَّينِ قبلَ أجَلِه، وإنْ مَضَتِ المُدَّةُ قبلَ العَملِ؛ فلِلمُستأجِرِ فَسخُ الإجارةِ؛ لأنَّ الأجيرَ لَم يَفِ له


(١) «البيان في مذهب الإمام الشافعي» (٧/ ٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>