وكذا إذا وكَّله بطَلاقِ امرَأتِه فطَلَّقها بنَفْسِه ثَلاثًا، أو واحِدةً، وانقَضَتْ عِدَّتُها؛ لأنَّها لا تَحتَمِلُ الطَّلاقَ بعدَ الثَّلاثِ، وانقِضاءِ العِدَّةِ، ولو طَلَّقها الزَّوجُ واحِدةً، والعِدَّةُ باقيةٌ، فالوَكالةُ قائِمةٌ؛ لأنَّها تَحتَمِلُ الطَّلاقَ في العِدَّةِ.
ولو وكَّله بالكِتابةِ فكاتَبَه، ثم عَجزَ، لَم يَكُنْ له أنْ يُكاتِبَه مَرَّةً أُخرى.
وكذا لو وكَّله أنْ يُزوِّجَه امرَأةً، فزوَّجه وأبانَها، لَم يَكُنْ لِلوَكيلِ أنْ يُزوِّجَه مَرَّةً أُخرَى؛ لأنَّ الأمرَ بالفِعلِ لا يَقتَضي التَّكرارَ؛ فإذا فُعِلَ مَرَّةً حصَل الِامتِثالُ، فانتَهَى حُكمُ الآمِرِ، كما في الأوامِرِ الشَّرعيةِ، بخِلافِ ما لو وكَّله ببَيعِ عَبدِه فباعَه الوَكيلُ، ثم رَدَّ عليه بقَضاءِ قاضٍ أنَّ له أنْ يَبيعَه مَرَّةً أُخرى؛ لأنَّ الرَّدَّ بقَضاءِ القاضِي يُوجِبُ ارتِفاعَ العَقدِ مِنْ الأصلِ، ويَجعَلُه كَأنْ لَم يَكُنْ، فلَمْ يَكُنْ هذا تَكرارًا، حتى لو رَدَّه عليه بغيرِ قَضاءِ قاضٍ، لَم يَجُزْ له أنْ يَبيعَهُ؛ لأنَّ هذا بَيعٌ جَديدٌ، وقَدِ انتَهَتِ الوَكالةُ بالأوَل، فلا يَملِكُ الثَّاني إلَّا بتَجديدِ التَّوكيلِ (١).
حاديَ عَشَرَ: تَلَفُ ما تَعلَّقتِ الوَكالةُ بهِ:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّ الوَكالةَ تَبطُلُ بتَلَفِ العَينِ التي وُكِّلَ في التَصرُّفِ فيها؛ لأنَّ مَحَلَّها ذهَب، فذهَبتِ
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٤٩٦، ٤٩٧)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٧٨)، و «اللباب» (١/ ٥٦٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٥٢٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢١٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٦٣)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٦٥)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٧٠)، و «الديباج» (٢/ ٣٢٣).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute