للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَضْعُ الجَوائِحِ:

اختلَف العُلماءُ في الثَّمرةِ إذا بِيعَتْ بعدَ بُدُوِّ الصَّلاحِ، وسلَّمها البائِعُ إلى المُشتَرِي بالتَّخليةِ بينَه وبينَها، ثم تَلِفتْ قبلَ أوانِ الجِذاذِ بآفةٍ سَماويَّةٍ، هل تَكونُ مِنْ ضَمانِ البائِعِ أو مِنْ ضَمانِ المُشتَرِي؟ على قَولَيْنِ:

القَولُ الأوَّلُ: أنَّ ما تُهلِكُه الجائِحةُ مِنْ الثِّمارِ مِنْ ضَمانِ البائِعِ، وبِهذا قالَ المالِكيَّةُ والحَنابِلةُ والشافِعيُّ في القَديمِ، إلَّا أنَّ المالِكيَّةَ والحَنابِلةَ في قَولٍ اشتَرَطوا لِوَضعِ الجَوائِحِ أنْ تُصيبَ الجائِحةُ ثُلُثَ الثِّمارِ فأكثَرَ؛ فإنْ أصابَتْ أقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ لَم يُوضَعْ عن المُشتَرِي شَيءٌ، وإذا أصابَتِ الثُّلُثَ فأكثَرَ لزِم المُشتَرِيَ قِيمَتُها بعدَ حَطِّ ما أصابَتْه الجائِحةُ، واستَثنَوْا مِنْ ذلك الجائِحةَ مِنْ العَطَشِ، فيُوضَعُ قَليلُها وكَثيرُها، سَواءٌ بَلَغتِ الثُّلُثَ أو لا.

واستَدَلُّوا على ذلك بما رَواه مُسلِمٌ في صَحيحِه عن جابرٍ أنَّ النَّبيَّ أمَرَ بوَضعِ الجَوائِحِ (١) وعَنه قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ : «إنْ بِعتَ مِنْ أخيكَ ثَمَرًا فأصابَتْه جائِحةٌ فلا يَحِلُّ لَكَ أنْ تَأخُذَ مِنه شَيئًا، بِمَ تَأخُذُ مالَ أخيكَ بغيرِ حَقٍّ؟» (٢)، وفي لَفظِ أبي داوُدَ: «مَنْ


(١) أخرجه مسلم (١١٩١/ ١٥٥٤) في: باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة.
(٢) أخرجه مسلم (١١٩٠/ ٥٥٤) في: باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة، وأبو داود (٣٤٧٠) في باب وضع الجائحة من كتاب البيوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>