للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو كانَ قَتلًا جازَ له الرُّجوعُ عنه تَغليبًا لحَقنِ الدِّماءِ ما أمكَن، وإذا جازَ رُجوعُ مُقِرٍّ بنَحوِ الزِّنا بمُجرَّدِ تَشهِّيه وسقَطَ عنه القَتلُ بذلك فههُنا أوْلى؛ لأنَّ هذا مَحضُ حَقِّ اللهِ تَعالى، وذاك فيه شائِبةُ حقِّ آدَميٍّ.

أو كانَ فِداءً أو مَنًّا لم يَعمَلْ بالثانِي لاستِلزامِه نقضَ الاجتِهادِ بالاجتِهادِ من غيرِ مُوجِبٍ، وكما لو اجتهَد الحاكِمُ وحكَمَ لا يُنقَضُ حُكمُه باجتِهادٍ ثانٍ، نَعمْ إنْ كانَ اختيارُه أحَدَهما لسَببٍ، ثم زال ذلك السَّببُ وتَعيَّنت المَصلَحةُ في الثانِي عمِلَ بقَضيَّتِه، وليسَ هذا نقضَ اجتِهادٍ باجتِهادٍ، بل بما يُشبِهُ النَّصَّ لزَوالِ مُوجِبِ الأولِ بالكُلِّيةِ.

وأمَّا الثانِي: فهو أنَّ الاستِرقاقَ لا بدَّ فيه مِنْ لفظٍ يَدلُّ عليه ولا يَكفي فيه مُجرَّدُ الفِعلِ كالاستِخدامِ؛ لأنَّه لا يَستَلزِمَه، وكذا الفِداءُ، نَعمْ يَكفي فيه لفظُ مُلتزِمِ البَدلِ مع قَبضِ الإمامِ له من غيرِ لفظٍ بخِلافِ الخَصلتَينِ الأُخريَينِ لحُصولِهما بمُجرَّدِ الفِعلِ (١).

إذا بذَل الأسيرُ الجِزيةَ هل تُقبَلُ منه أو لا؟

نَصَّ المالِكيةُ والشافِعيةُ على أنَّ الأسيرَ إذا بذَل الجِزيةَ قُبِلت منه.

قالَ اللَّخميُّ: وأمَّا الرِّجالُ فالإمامُ مُخيَّرٌ فيهم بينَ خَمسةِ أوْجُهٍ: المَنِّ والفِداءِ والقَتلِ والجِزيةِ والاستِرقاقِ، فأيُّ ذلك رأى أحسَنَ نَظرًا فعَلَه (٢).


(١) «تحفة المحتاج» (٣/ ٢٥٤، ٢٥٥).
(٢) «مواهب الجليل شرح مختصر خليل» (٣/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>