للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزَوجِها، فإنَّها تَصيرُ مُسافِرةً بنيَّةِ زَوجِها، وكذلك مَنْ لزِمَه طاعَةُ غيرِه، كالسُّلطانِ وأميرِ الجَيشِ؛ فإنَّه يَصيرُ مُسافِرًا بنيَّةِ مَنْ لزِمَته طَاعَتُه؛ لأنَّ حُكمَ التَّبعِ حكمُ الأصلِ، وهذا مَذهبُ الحَنفيةِ والحَنابلَةِ (١).

أمَّا الشافِعيةُ فقالوا: لو تبِعَت الزَّوجُة زَوجَها، أو الجُندِيُّ قائِدَه في السَّفرِ، ولا يَعرفُ كلُّ واحدٍ منهم مَقصدَه، فلا قَصرَ لهم؛ لأنَّ الشَّرطَ -وهو قَصدُ مَوضعٍ مُعيَّنٍ- لم يَتحقَّقْ، وهذا قبلَ بُلوغِهم مَسافَةَ القَصرِ، فإن قَطَعُوها قَصَروا.

فلو نَوتِ الزَّوجُة دونَ زَوجِها، أوِ الجُندِيُّ دونَ قائِدِه مَسافَةَ القَصرِ، أو جهِلَا الحالَ، قصَرَ الجُندِيُّ غيرُ المُثبَتِ في الدِّيوانِ دونَ الزَّوجةِ؛ لأنَّ الجُندِيَّ حينَئذٍ ليسَ تحتَ يَدِ الأميرِ وقَهرِه، بخِلافِ الزَّوجةِ؛ فنيَّتُها كالعدمِ، أمَّا الجُندِيُّ المُثبَتُ في الدِّيوانِ فلا يَقصُرُ؛ لأنَّه تحتَ يدِ الأميرِ، ومِثلُه الجَيشُ؛ إذ لو قيلَ بأنَّه ليسَ تحتَ يَدِ الأميرِ وقَهرِه كالآحادِ، لَعظُمَ الفَسادُ (٢).

القَصرُ في سَفرِ المَعصيةِ:

ويُشتَرطُ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ المالِكيةِ والشافِعيةِ والحَنابلَةِ في السَّفرِ الذي تُقصَرُ فيه الصَّلاةُ ألَّا يَكونَ سَفرَ مَعصيةٍ، فلا يَقصُرُ عاصٍ بسَفرِه، كأنْ خرَجَ لقَطعِ الطَّريقِ، أو لِقِتالِ المسلِمينَ ظُلمًا، أو كانَ تاجِرًا في الخَمرِ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٩٤)، و «كشاف القناع» (١/ ٣٢٥).
(٢) «مغني المحتاج» (١/ ٢٦٨)، و «الإقناع» للشِّربيني (١/ ١٧٣)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٢٦٢)، و «المجموع» (٥/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>