للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الثاني: العَدالةُ:

اختَلفَ الفُقَهاءُ في الناظِرِ على الوَقفِ، هل يُشترطُ فيهِ العَدالةُ أم لا؟

فقيلَ: إنها شَرطُ صِحةٍ، كما هو قَولٌ للحَنفيةِ ومَذهبُ الشافِعيةِ.

وقيلَ: إنها شَرطُ أَولوِيةٍ، كما هو ظاهِرُ مَذهبِ الحَنفيةِ.

وقيلَ: إنها شَرطُ صِحةٍ ما لم يَكُنِ الناظِرُ هو المَوقوفَ عليه أو مَنصوبًا مِنْ قِبَلِ الواقفِ، كما هو قَولُ المالِكيةِ والحَنابلةِ على تَفصيلٍ عندَهُم.

وقيلَ: إنها ليسَتْ شَرطًا مُطلَقًا إذا كانَتْ على مُعيَّنينَ، وهو قَولٌ ضَعيفٌ للشافِعيةِ.

وبَيانُه على التَّفصيلِ الآتي:

أمَّا الحَنفيةُ فاختَلَفوا هل العَدالةُ شَرطُ صِحةٍ؟ أم شَرطُ أَولوِيةٍ؟ على قَولينِ:

الأولُ: أنَّ العَدالةَ شَرطُ صِحَّةٍ، قالَ في «الإسْعَاف»: لا يُوَلَّى إلَّا أمينٌ قادِرٌ بنَفسِه أو بنائِبِه؛ لأنَّ الوِلايةَ مُقيَّدةٌ بشَرطِ النَّظر، وليسَ مِنْ النَّظرِ تَولِيةُ الخائِنِ؛ لأنه يُخِلُّ بالمَقصودِ، وكذا تَولِيةُ العاجزِ؛ لأنَّ المَقصودَ لا يَحصلُ به، ويَستوي فيهِ الذَّكرُ والأُنثى، وكذا الأعمَى والبَصيرُ، وكذا المَحدودُ في قَذفٍ إذا تابَ؛ لأنه أمينٌ، ومَن طلَبَ التَّولِيةَ على الوَقفِ لا يُعطَى له، وهو كمَن طلَبَ القَضاءَ لا يُقلَّدُ (١).


(١) «الإسعاف» ص (٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>