وهذا قَولُ طائِفةٍ مِنْ الشافِعيةِ إنه شَرطٌ يُستحَقُّ به قِتالُهم ليَستقرَّ به تَميُّزُهم ومُبايَنتُهم.
وقالَ أكثَرُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ: إنه ليسَ بشَرطٍ في قِتالِهم؛ لأنَّ عليًّا ﵁ قاتَلَ أهلَ الجَملِ ولم يَكنْ لهم إمامٌ، وقاتَلَ أهلَ صِفِّينَ قبلَ أنْ يَنصِبوا إمامًا لهم (١).
الواجِبُ فعلُه على الإمامِ قبلَ قِتالِهم:
إذا تكامَلَتِ الشُّروطُ المُعتبَرةُ في قِتالِهم لم يَبدأْ به الإمامُ حتَّى يَسألَهم عن سبَبِ انفِرادِهم ومُبايَنتِهم، فإنْ ذكَرُوا مَظلَمةً أزالَها، وإنْ ذكَرُوا شُبهةً كشَفَها وناظَرَهُم عليهِا، حتَّى يَظهرَ لهم أنهُ على الحَقِّ فيها؛ لأنَّ اللهَ تعالَى أمَرَ بالإصلاحِ أوَّلًا وبالقِتالِ أخيرًا.
ولأنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ أنفَذَ ابنَ عبَّاسٍ ﵄ إلى الخَوارجِ بالنَّهروانِ يَسألُهم عن سَببِ مُباينتِهم ويَحلُّ شُبهةَ تأويلِهم، لتَظاهُرِهم بالعِبادةِ والخُشوعِ وحَملِ المَصاحفِ في أعناقِهم … فعَن عَبدِ اللهِ بنِ شَدَّادٍ: «أنَّ عَليًّا ﵁ لمَّا اعتَزلَه الحَرُوريةُ بعَثَ إليهم عبدَ اللهِ بنَ عبَّاسٍ ﵄، فواضَعُوه كِتابَ اللهِ ثلاثةَ أيَّامٍ، فرجَعَ منهُم أربَعةُ آلافٍ وبقيَ
(١) «الحاوي الكبير» (١٣/ ١٠٢)، ويُنظَر: «فتح القدير» (٤/ ٤١٤)، و «الاختيار» (٤/ ١٨٥، ١٨٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٤/ ٢٦٢)، و «الفتاوى الهندية» (٢/ ٢٨٣، ٢٨٤)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠٣، ٣٠٤)، و «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٦/ ٢٧٧، ٢٧٩)، و «روضة الطالبين» (٦/ ٤٧٤، ٤٧٦)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٠٢، ٤٠٣)، و «المغني» (٩/ ٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢٠٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٥٤).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute