للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العَينُ المُستَأجَرةُ أمانةٌ في يَدِ المُستَأجِرِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ، الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ -في المَذهبِ- والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ على أنَّ العَينَ المُستَأجَرةَ في يَدِ المُستَأجِرِ مدَّةَ الإجارةِ أمانةٌ، لا يَضمَنُها إلَّا إذا تَعدَّى أو فَرَّطَ في حِفظِها، وسَواءٌ كانَتِ الإجارةُ صَحيحةً أو فاسِدةً.

قالَ الكاسانيُّ : لا خِلافَ في أنَّ المُستَأجَرَ أمانةٌ في يَدِ المُستَأجِرِ؛ كالدَّارِ والدَّابَّةِ وعَبدِ الخِدمةِ ونَحوِ ذلك، حتى لَو هَلَكَ في يَدِه بغَيرِ صُنعِه، لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ قَبضَ الإجارةِ قَبضٌ مَأذونٌ فيه، فلا يَكونُ مَضمونًا؛ كَقَبضِ الوَديعةِ والعارِيةِ، وسَواءٌ كانَتِ الإجارةُ صَحيحةً أو فاسِدةً، لِمَا قُلْنا (١).

إلَّا أنَّ الإمامَ ابنَ نُجَيمٍ نَصَّ على أنَّ العُرفَ إذا كانَ جاريًا بتَضمينِ العَينِ المُستأجَرةِ، فإنَّه يَضمَنُ.

قالَ : وحِينَ تَأليفِ هذا المَحَلِّ وَردَ علَيَّ سُؤالٌ فيمَن آجَرَ مَطبَخًا لِطَبخِ السُّكَّرِ، وفيه فَخَّارٌ، أذِنَ لِلمُستَأجِرِ في استِعمالِها، فتَلِفَ ذلك، وقد جَرَى العُرفُ في المَطابِخِ بضَمانِها على المُستَأجِرِ.

فأجبْتُ بأنَّ المَعروفَ كالمَشروطِ، فصارَ كأنَّه صَرَّحَ بضَمانِها عليه (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٤/ ٢١٠)، و «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٤٢٣، ٤٢٥)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ١٣٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٣٨)، و «مجمع الضمانات» (٧٣)، و «درر الحكام» (١/ ٥٤٤).
(٢) «الأشباه والنظائر» ص (٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>